قصة خبرية

«عصـا وقلـب».. مبـادرة فجّرتها مسنة وقادها 17 شاباً

ت + ت - الحجم الطبيعي

من مستوعب للنفايات بدأت قصة «عصا وقلب»، في العام 2005.. يومها، وفي أحد شوارع بيروت، صادفت مجموعة من الشباب والصبايا إحدى المسنّات تبحث عن طعام في ذلك المستوعب، فشعر أفرادها بأن الكرامة الإنسانية بشكل عام، وكرامة تلك المرأة بشكل خاص، قد مسَّتهم، ما دعاهم إلى التفكير بالعمل إلى جانب هذه الفئة من الناس، لحفظ كراماتهم، وبلسمة جراحهم المرتبطة بحكاياتهم الفرديّة الأكثر إيلاماً من الأرقام.

وفي الأوّل من أكتوبر العام ذاته، تزامناً مع اليوم الدولي لكبار السنّ، تنادوا وتجمّعوا، ثورةً ضد الجوع والوحدة، تحت عنوان «عصا وقلب» والعصا هي صلة الوصل مع الحياة التي يريدونها مشرّفة ومحقّة للمسنّ، انطلاقاً من قناعتين:

حبّ المسنّ وخدمته في بيته، والإيمان بأن دوره لا ينتهي لكونه مصدر بركة وفرح. وربّما كان اختيار هذا الموعد، لإطلاق المبادرة، فرصةً للكثيرين لاستذكار كبارهم المنسيّين وسط الموجبات والمواعيد التي تزدحم بها أجنداتهم اليوميّة.

رعاية وتأمين

وفي ذاك العام، ورغم عدم وجود مركز لعملهم، بدأ أصحاب هذه القناعة والمبادرة، وهم مجموعة من 17 شاباً وشابة، العمل مع سبعة مسنين، في خطوة تأسيسيّة لمشروع جمعية «كان إيه كور».. أما اليوم، فقد باتوا يعملون على خدمة عشرات المسنّين، في مركز للجمعية قدّمته لهم إحدى السيدات تقديراً لجهودهم، حيث يهتمّون بخدمة المسنّين جسدياً، من خلال رعاية صحتهم وتأمين الغذاء لهم، كما يتواجدون معنوياً إلى جانبهم، فينصتون إليهم ويمضون الوقت برفقتهم.

وفي تفاصيل المبادرة الإنسانيّة اللافتة، وبعيداً عن عدسات التصوير وكلّ ما يلزم من فنون الدعاية والوجاهة، ومن دون أيّة أجندات سياسيّة أو اجتماعيّة، فإنّ الجمعية، بحسب تأكيد المتطوّعة ربى، تلتزم تأمين جوّ من الألفة والمحبة والتسلية والروح العائليّة، داخل مركزها، بحيث يأتي المسنّون إلى المركز تلقائياً لتبادل الأحاديث في ما بينهم ومشاهدة الأفلام والإطّلاع على الصحف والمجلات والى ما هنالك من أنواع التسلية..

فضلاً عن تأمين الغداء لهم ثلاث مرات، والفطور مرة، أسبوعياً، و«من لا يستطيع التنقل لأسباب صحيّة، تُنقل حصصه إلى بيته بهمّة مجموعة من السيدات اللواتي يتبرّعن بالطبخ أو بتوفير المكوّنات، كما توزّع علبتان غذائيتان على البيوت تكفيهم لمدّة شهرين، ثلاث مرات في السنة، وذلك بفضل المساعدات التي يتلقاها المركز من المدارس وطلابها وعدد من المهتمّين».

على صعيد آخر، وبعيداً عن الشقّ الغذائي، تركّز الجمعية على النشاطات التثقيفية والترفيهية السياحية والدينية التي تبثّ الفرح في قلوب المسنين.. وبذلك، تتوزع مصاريف الجمعية (مصدرها التبرعات) على خمسة أقسام: 39% للمصاريف الغذائية، 25% للمونة، 15% للنشاطات الخارجية، 2% للمساعدات المادية والطبية، و19% للتجهيزات وصيانة المركز.

أرقام ومعطيات

ومن وحي أجواء هذه المبادرة الإنسانيّة، تجدر الإشارة إلى أنّ مشروع قانون ضمان الشيخوخة في لبنان أُقرّ عام 2004 في مجلس الوزراء، إلا أنّه توقف في مجلس النواب منذ عام 2008 بسبب النزاعات السياسيّة، ولا يزال يقبع في أدراج المجلس.

وبلغة الأرقام، فإنّ المسنّين الذين تتجاوز أعمارهم الـ60 سنة يشكّلون اليوم 11.5 في المئة من السكّان اللبنانيين، ومن المتوقّع أن تسير هذه النسبة في مسار تصاعدي لتبلغ الـ21.1 في المئة، بحلول العام 2035، أي ما تتجاوز نسبته خُمس السكّان اللبنانيين. أما من هم فوق الـ64 سنة، وفق الإحصاءات، فيبلغون نحو 445 ألف شخص، وهم معيشيّاً بالتقريب 4 فئات: 67 ألفاً ليس لديهم الأساسيّات بما فيها الغذاء، 200 ألف ليس لديهم الأساسيّات من ملبس ومسكن، 165 ألفاً لديهم حاجات الحياة الأساسيّة و13 ألفاً من الأثرياء.

 

 

Email