فخ إدلب .. تركيا توسّع العدوان وإيران تقترب من المواجهة

ت + ت - الحجم الطبيعي

على وقع الخسائر العسكرية التي مني بها جيش الاحتلال التركي في إدلب، أطلقت تركيا أمس، عدواناً عسكرياً واسعاً في الشمال السوري، وهي عملية وصفها معارضون أتراك بأنها سقوط في «فخ إدلب»، وأسقط الطيران التركي طائرتين سوريتين فيما أسقطت المضادات السورية ثلاث طائرات مسيّرة تركية متطورة في إدلب، بعدما أعلنت دمشق إغلاق المجال الجوي في الشمال وهددت بإسقاط أي طائرة معادية تخترقه.

ويهدّد التوتر في إدلب بتوسيع الفجوة بين أنقرة وموسكو، وألقى بثقله على التنسيق الذي تطوّر بينهما في السنوات الماضية في الملف السوري.

وتعتزم تركيا تكثيف عدوانها العسكري في الشمال السوري، فيما ترجح التطورات الميدانية أن روسيا الداعم الرئيسي لدمشق لن تتخلى عن الرئيس السوري بشار الأسد، ما قد يتسبب في مواجهة عسكرية مباشرة بين موسكو وأنقرة.

وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن ما أسماها «عملية درع الربيع متواصلة»، مضيفاً في خطاب بثّ عبر التلفزيون أنه ليس لدى أنقرة «نية» في الدخول بمواجهة مع موسكو.

خسائر كبيرة

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لم يعد يخفي حجم الخسائر التي تتعرض لها قواته، وحلفاؤه من التنظيمات الإرهابية في سوريا، بالرغم من قطع خدمة الإنترنت عن الأتراك، فضلاً عن تكرار طلب المساعدة من حلف «ناتو»، ولم يستطع أردوغان إخفاء تحالفه مع إسرائيل في العمل العسكري ضد سوريا.

وقد حاول الطيران الإسرائيلي مساندة قوات الاحتلال التركي من خلال قصف مواقع سورية، تزامناً مع تعرض القوات التركية وحلفائها من الإرهابيين لضربات موجعة من الجيش السوري.

وأعلنت دمشق بأن القوات التركية، أسقطت طائرتين تابعتين لها في منطقة إدلب. ووفقاً لوكالة أنباء الحكومة السورية تم إنقاذ طياري الطائرتين الذين تمكّنوا من الهبوط بالمظلات. وأسقط الجيش السوري 3 طائرات مسيرة تركية من النوع المتطور جداً، بعد وقت قصير من تهديد دمشق بإسقاط أي طائرة تخترق أجواء محافظة إدلب.

وقبل وقت قصير، نقلت «سانا» عن مصدر عسكري إن «القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة تعلن عن إغلاق المجال الجوي لرحلات الطائرات ولأي طائرات مسيرة فوق المنطقة الشمالية الغربية من سوريا، وبخاصة فوق إدلب».

وأكد المصدر أنه «سيتم التعامل مع أي طيران يخترق مجالنا الجوي على أنه طيران معادٍ يجب إسقاطه ومنعه من تحقيق أهدافه العدوانية». حزب الوطن التركي المعارض، اعتبر أن الحرب التي يتورط فيها رجب طيب أردوغان في سوريا ستصبح فخاً للبلاد ولأردوغان. وعبر ممثلو الحزب عن قلقهم إزاء التوتر في العلاقات بين البلدين.

وقالوا في بيان: «نحن نحذر من دفع تركيا إلى الوقوع في الفخ. إنهم يجرون ليس فقط تركيا بل ورئيسها أيضاً إلى الفخ». ووفقاً لقادة الحزب وسياسيين أتراك آخرين، فإن السلطات الأمريكية والإسرائيلية تدفع تركيا للحرب مع سوريا وتشجّعها على ذلك، وتزعم أنها لا تدعم حكومة أردوغان وسياساتها الداخلية والخارجية.

إيران وتركيا

ومع ارتفاع حدة الضربات التركية على مواقع الجيش السوري خلال اليومين الماضيين، خرجت إيران عن صمتها بتصريح تدعو فيه الجانب التركي إلى التعقّل، في أول مرة تقوم به طهران بتصريحات من هذا النوع، وسط احتمال التصعيد بين الطرفين الضامنين السابقين في محادثات أستانة.

الموقف الإيراني قرأه العديد من المحللين على أنه بداية تحذير للقوات التركية التي نفذت أكثر من 200 ضربة على مواقع تابعة للجيش السوري وكذلك الميليشيات الإيرانية باعتبارها قوة رديفة مع الجيش السوري في معارك الشمال.

ولا يستبعد مراقبون اشتباكاً تركياً إيرانياً في حال استمرت الضربات التركية على المواقع السورية باعتبار الإيرانيين أبرز الحلفاء والداعمين للعملية العسكرية التي يشنها الجيش السوري لاستعادة مناطق ريفي حلب وإدلب.

وقال المقدم نديم شحود إن الاستمرار التركي باستهداف مواقع للجيش السوري وحلفائه سيؤدي بطبيعة الحال إلى الاصطدام بالجانب الإيراني خصوصاً في ريف حلب، إذ تنتشر الميليشيات الإيرانية وحزب الله في تلك المناطق. وأضاف بعد الضربة الأخيرة في ريف حلب لاجتماع تابع للميليشيات الإيرانية، باتت المواجهة بين الطرفين ممكنة.

وبحسب مراقبين فإن العمليات العسكرية التركية في الشمال السوري لن تذهب بعيداً. ويعقد وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعاً طارئاً الأسبوع المقبل لمناقشة تداعيات النزاع السوري. وقال وزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل إن المعارك في إدلب «تشكّل تهديداً جديا للسلم والأمن الدوليين».

 

Email