لماذا لا يستطيع أي مدني من إدلب الوصول إلى أوروبا؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

يحرص المسؤولون الأتراك على الادعاء في تصريحاتهم الرسمية أن موجة الهجرة الجديدة باتجاه أوروبا ناتجة عن فرار المدنيين من محافظة إدلب السورية، حيث تدور معارك طاحنة تلقت فيها تركيا عدداً من الضر بات، كان آخرها أمس الخميس حين قتل 33 من جنودها في قصف بإدلب. الابتزاز التركي لأوروبا بورقة اللاجئين هدفه الضغط على الغرب لمساعدة تركيا في معارك إدلب، وإلا - بحسب الصيغة التركية من الابتزاز - عليهم تحمل موجة جديدة من اللاجئين. غير أن المفاجئ هو المعاملة التي يتلقاها مدنيو إدلب من السلطات التركية. فمنذ اندلاع معارك إدلب الأخيرة، لم تسمح تركيا بعبور أي مدني من إدلب إلى أراضيها، وحاول النازحون أكثر من مرة اختراق الحدود المسيجة بجدار والمزودة بفارز حراسة مسلحة، إلا أنهم تعرضوا للقمع في كل مرة. وتعرض عشرات السوريين إلى الضرب من الجنود الأتراك لمنعهم من العبور إلى تركيا.

رغم ذلك، لجأت تركيا إلى سياسة الابتزاز في ملف اللاجئين السوريين، مجدداً، بعد تلقيها صفعة عسكرية كبيرة في إدلب بعد مقتل العشرات من جنودها، وأعلنت فتح الباب أمام السوريين للتوجه إلى أوروبا، في تلاعب جديد بمصير مئات الآلاف من المدنيين الذين لا يملكون من أمرهم شيئاً. لكن التطورات التي بدأت ليلة أمس بتحريك اللاجئين ودفعهم صوب أوروبا، كشفت عن فضيحة تركية جديدة. ففي بياناتها الرسمية تزعم أنقرة أنها لا يمكن أن تتحمل الوضع في إدلب ومسؤولية الفارين من الحرب، بالتالي فإنها لا تملك خياراً سوى فتح الباب أمامهم إلى أوروبا، لكن الحقيقة أن تركيا ما زالت تمنع دخول أي سوري من إدلب إلى أراضيها، وتقيم لهم مخيمات داخل الأراضي السورية، وتقوم بنقل قسم منهم إلى المناطق التي احتلتها مؤخراً وتوطينهم في منازل المدنيين الأكراد الذين تم تهجيرهم.

خدعة جديدة

معظم من توجه صوب الحدود هم من اللاجئين المقيمين مسبقاً في إسطنبول وإزمير والمدن الساحلية التركية، ولم يصل أحد من الفارين من إدلب مؤخراً إلى هناك، بل ليس متاحاً لهم دخول تركيا. فالجدار الحدودي يفصل بين عشرات الآلاف من النازحين في إدلب وبين الأراضي التركية.

وأمام التلاعب التركي بمصير اللاجئين، عززت اليونان إجراءات المراقبة على الحدود البحرية والبرية مع تركيا، وأجرت اتصالاتها مع الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، حيث إن الحلف يشارك في مراقبة تدفق اللاجئين إلى أوروبا من جهة تركيا.

وليس من المتوقع أن تنجح تركيا في ابتزازها الجديد. فإضافة إلى اليونان، أبدت بلغاريا استعدادها إرسال ألف جندي إضافي إلى منطقة الحدود مع تركيا لمنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين. وبينما ما زال آلاف اللاجئين عالقون على جزيرة ليسبوس اليونانية منذ عام 2016، فإن التلاعب التركي باللاجئين يضع حياتهم في دائرة الخطر، بل إن غالبية من لبى نداء الهجرة من جانب السلطات التركية هم مخالفون لأنظمة الإقامة في المدن التركية ويعيشون متخفين منذ شهور. وبعد فشل العبور، ونيل تركيا دفعة جديدة من الدولارات، سيجدون أنفسهم، عاجلاًَ، بين أيدي السلطات التركية التي من المرجح ان تجبرهم على العودة إلى إدلب كما فعلت مع الآلاف من السوريين قبل ذلك، رغم أنها ما زالت تتلقى مليارات الدولارات من دول الاتحاد الأوروبي باسم هؤلاء اللاجئين.

Email