مبارك.. مسيرة طويلة من العمل الوطني

ت + ت - الحجم الطبيعي

«هذا الوطن العزيز هو وطني، فيه عشت وحاربت من أجله ودافعت عن أرضه وسيادته ومصالحه، وعلى أرضه أموت.. وسيحكم التاريخ عليَّ وعلى غيري بما لنا أو علينا.. إن الوطن باقٍ والأشخاص زائلون».. كلمات مؤثرة للرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، إبّان أحداث 25 يناير 2011، والتي أجبرته- تحت ضغط شعبي- على التنحي في فبراير من العام نفسه، وفي فبراير أيضاً- لكن بعد تسعة أعوام- فارق الحياة، تاركاً الحكم للتاريخ.

مُبارك، الذي وافته المنية، أمس، عن عمر ناهز الـ 91 عاماً، صاحب مسيرة طويلة من العمل الوطني ومساندة القضايا العربية بحكمة واتزان، ومواقف تاريخية لا تُنسى (داخلياً أو خارجياً)، غلفت الحكمة والشجاعة سياساته، فكان من الزعماء العرب المؤثرين والفاعلين بقوة على الصعيد الإقليمي.

هو من مواليد 4 مايو 1928 بقرية كفر المصيلحة بمحافظة المنوفية (شمالي القاهرة). أنهى مرحلة التعليم الثانوي بمدرسة المساعي المشكورة الثانوية بشبين الكوم، ثم التحق بالكلية الحربية، وفيها حصل على بكالوريوس العلوم العسكرية في فبراير 1949، ولاحقاً التحق بالكلية الجوية وتخرج في 12 مارس 1950، ليبدأ رحلته في خدمة مصر وجيشها.

 

مسار متدرج

تدرج مبارك في المراتب العسكرية، وعُين مديراً للكلية الجوية في نوفمبر 1967، وفي 1969 أصبح رئيس أركان حرب القوات الجوية، ثم قائداً للقوات الجوية في أبريل 1972. وفي حرب أكتوبر 1973 قاد القوات الجوية؛ لتحقيق انتصار ساحق على العدو الإسرائيلي، وأطلق عليه لقب «صاحب الضربة الجوية الأولى».

في 15 أبريل 1975 عُين نائباً لرئيس الجمهورية، ثم نائباً لرئيس الحزب الوطني في شهر يوليو 1978، وفي 1981 وبعد استفتاء شعبي، أصبح مبارك الرئيس الرابع للجمهورية، خلفاً لأنور السادات عقب اغتياله.

اتسمت سياسات مبارك بالحكمة والاتزان، في القضايا الداخلية والخارجية. خارجياً كانت له سياسات ومواقف تاريخية لا تُنسى، مثل دوره في معركة تحرير الكويت. وعرف أيضاً بمواقفه الداعمة للمفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية. وداخلياً شهد عصره استقراراً اقتصادياً وسياسياً نسبياً، وفّر أدوات النمو الاقتصادي، لكنّه في الوقت نفسه تعرض لعديد الانتقادات التي قادت إلى «الثورة» ضده حتى إعلان تنحيه تحت ضغط شعبي، ويُحسب له تمسكه بالبقاء في مصر.

بعد تنحيه كان أول رئيس عربي سابق تتم محاكمته بهذه الطريقة، إذ مثل أمام محكمة مدنية في 3 أغسطس 2011، وتم الحكم عليه بالسجن المؤبد في 2 يونيو 2012 قبل أن تتم تبرئته من جميع التهم المنسوبة إليه في 29 نوفمبر 2014، لكن في مايو 2015 أدين ونجلاه في قضية قصور الرئاسة، وأصدر القضاء حكماً عليهم بالسجن المشدد 3 سنوات.

Email