قصة خبرية

عامر.. شاب سلب الحوثيون حقه في التعليم

عامر دربوش

ت + ت - الحجم الطبيعي

توقف عامر محمد دربوش (17 عاماً) عن الذهاب إلى المدرسة منذ 2015، والتحق بالعمل في مزارع البصل، بعد اجتياح ميليشيا الحوثي قريته وتحويل مدرسته إلى ثكنة عسكرية.

ينتمي عامر لمنطقة الرمة التابعة لمديرية المخا غرب محافظة تعز، وكان، مثل كل أبناء القرى النائية، يحلم بمستقبل وحياة أفضل، وقد وجد في المدرسة ضالته لتحقيق ما يرجوه لنفسه في الغد القادم.

وفي المقابل كانت ميليشيا الحوثي تجهز سلاحها وفكرها الرجعي للسطو على الحاضر والمستقبل معاً.

خطوات متثاقلة

يشير عامر في حديثه لـ«البيان» إلى أنه وفي أحد أيام الدراسة حمل كتبه وأقلامه واتجه إلى مدرسة القرية وخلال الطريق كان يحدث نفسه عن نوع العقوبة التي سينالها بسبب تأخره عن طابور الصباح، والتي لن تتعدى التوبيخ غالباً، لكنه وبينما كان يقترب بخطوات متثاقلة من بوابة حوش المدرسة لم يلمح أستاذه ولا زملاءه بل فوهة مدفع رشاش فوق سيارة عسكرية تجثم بساحة الطابور وخلف الرشاش كان أحد عناصر الميليشيا يتكوم بملابس رثة وملامح شاحبة، تطّلع إلى عامر قليلاً ثم أومأ إليه بالتراجع وعدم الاقتراب من المبنى مرة أخرى. وكانت تلك أقسى عقوبة تعرّض لها ومعه عشرات الطلاب من منطقته.

وكان عامر حينها يدرس في الصف السادس الابتدائي ولم يكن يدرك أن ثمة ما سيحول بينه وبين أحلامه. عاد إلى البيت خائباً حزيناً، لكن الأمل ظل يحدوه في أن تتهيأ له الظروف يوماً ما ويتمكن من العودة لإكمال تعليمه.

نزوح

ومع حلول منتصف عام 2017 كانت قوات المقاومة المشتركة على مشارف قرية الرمة، وكانت المواجهات على أشدها مع ميليشيا الحوثي، اضطر عامر وأسرته للنزوح إلى المخا وما إن تحررت قريتهم حتى عادوا بفرح وأمل في مواصلة حياتهم الطبيعية من جديد بعد عامين قضوها في رعب سيطرة الميليشيا، لكن جماعة الحوثي كانت تخبئ لهم فصلاً آخر من الجحيم تحت الأرض، إذ تفاجأوا بتحول قراهم ومزارعهم وطرقاتهم إلى حقول ألغام.

وكانت الفرق الهندسية التابعة للمقاومة المشتركة قد شرعت في تفكيكها إلا أنها كانت من الكثرة بمكان بحيث يصعب الإحاطة بمواقع انتشارها بالإضافة إلى دأب ميليشيا الحوثي على تمويه وإخفاء ألغامها ووضعها في أماكن لا تخطر على البال، الأمر الذي أدى لسقوط ضحايا مدنيين من أبناء المنطقة وإصابة آخرين، وكان والد عامر، محمد دربوش (45 عاماً) أحدهم، حيث أصيب في انفجار لغم حوثي أفقده عقله، ومن ذلك الحين أصبح عامر هو المسؤول عن البيت وعن إعالة إخوته الأربعة وأمه وتوفير القليل من المال الذي يتحصل عليه خلال عمله في مزارع البصل لعلاج والده وقد انقطع آخر أمل له بالعودة إلى المدرسة.

Email