ناسا تكرم عالماً تونسياً بأعلى أوسمتها

ت + ت - الحجم الطبيعي

من أرياف ولاية القصرين النائية في غرب تونس إلى الولايات المتحدة، كانت رحلة د.نور الدين الروافي الذي يعمل حالياً في مختبر الفيزياء التطبيقية بجامعة جونز هوبكنز في ولاية ماريلاند الأمريكية، ومن آخر إنجازاته العلمية المشاركة في الإشراف على إنجاز المسبار الفضائي الذي تم إطلاقه في التاسع من فبراير الجاري لتصوير الأقطاب الشمسية، بشكل مشترك بين وكالة «ناسا» الأمريكية لأبحاث الفضاء، ووكالة الفضاء الأوروبية «إيسا».

وأكد الروافي أن المسبار الذي أطلق من محطة الفضاء كيب كانافيرال للقوات الجوية، بولاية فلوريدا الأمريكية يهدف إلى تسليط أضواء جديدة على ما يحدث على سطح الشمس التي تبعد عنا نحو 150 مليون كيلومتر، وللكشف لأول مرة عن كيفية تكون الحقل المغناطيسي للشمس، في تتمة لمهمة المسبار الأول الذي أطلقه في 12 أغسطس 2018 فريق يعمل تحت إشرافه، في مهمة اشتغل عليها العلماء منذ أكثر من 60 عاماً، وهي الدوران حول أحد النجوم الفيزيائية الشمسية القريبة. 

وقد تمكن الفريق من اكتشاف 4 ظواهر جديدة خاصة بالشمس، تتعلق بالطاقة الشمسية وتأثيراتها السلبية على الأقمار الصناعية لشبكات الاتصال وتحديد الأماكن والرياح الشمسية والغلاف الجوي الخارجي للشمس الذي يظهر خلال الخسوف.

وتم اعتبار النتائج التي توصل إليها فريق الروافي إنجازاً مهماً وغير مسبوق للإنسانية في مجال الاقتراب من أسرار الشمس وخصوصيات حقلها المغناطيسي، رغم أن العلماء بدأوا التفكير في إطلاق مسبار لهذا الهدف منذ العام 1958، لكن التكنولوجيا لم تكن متوفرة آنذاك بالشكل الحالي، وخاصة لمواجهة حرارة الشمس عند الاقتراب منها. 

وفي ديسمبر الماضي، تحصل الروافي على الميدالية الفضية من وكالة الفضاء «ناسا»، وهو أعلى وسام تقدمه الوكالة، وقال إن هذا التكريم يحسب كذلك لفريق العمل الذي يشرف عليه منذ 10 سنوات في جامعة هوبكنز.

وتوجه الروافي برسالة إلى الشبان التونسيين والعرب، أكد فيها أنه بإمكانهم تحقيق جميع أحلامهم بالعمل، ويجب أن يستغلوا الإمكانات المتاحة حالياً، التي هي أفضل من الإمكانات في السابق، وأن يؤمنوا بأنفسهم ويتحدوا الصعوبات، ولا شيء يأتي دون عمل، وأن تجربة فريق عمله ذمة من يريد الاشتغال عليها.

وولد الروافي في منطقة أفران التابعة لمعتمدية فوسانة بولاية القصرين المتاخمة للحدود المشتركة مع الجزائر، وزاول تعليمه الابتدائي في المدرسة الابتدائية بمنطقته ثم درس الثانوي في المعهد الثانوي بفوسانة ثم العلوم الأساسية في الفيزياء بتونس، حيث تحصّل على الإجازة قبل أن ينال شهادة الدكتوراه بفرنسا ثم عمل في ألمانيا ومنها تحول للعمل في الولايات المتحدة. 

وفي حديثه عن بداياته أكد الروافي أنه اعتاد منذ طفولته على التعلق بالمهمات الصعبة، وبالعمل بمفرده على تحقيق أهدافه، معتبراً أنه اكتشف لاحقاً أن العمل ضمن فريق هو الطريق المثلى لتحقيق الأهداف الكبرى. 

وأضاف أنه ابن المدرسة التونسية وأن الإرادة يمكن أن ترفع صاحبها إلى أعلى المراتب، لافتاً إلى أن على بلاده أن تهتم بالبحث العلمي، ولو بالانطلاق من إمكانات بسيطة، لأن المهم هو الإيمان بهذا المجال الذي يمثل الطريق إلى المستقبل.

Email