الجيش السوري يستعيد طريق حلب دمشق الاستراتيجي وأنقرة تحشد وتهدّد

ت + ت - الحجم الطبيعي

التدخّل التركي في الشمال السوري يتصاعد على نحو أكبر من ذي قبل، في وقت يواصل الجيش السوري تقدّمه واستعادته مناطق استراتيجية في ريف إدلب، ذروتها استعادة طريق حلب - دمشق الدولي.

وفي جديد اعتداءات تركيا، استهداف قواتها على الأرض طائرةً مروحيةً سورية أثناء قصفها لمجاميع «أنصار التوحيد»، الموالي لتنظيم لقاعدة، على محور بلدة النيرب في ريف إدلب، ما أسفر عن مقتل طيارين، ورغم تبني جماعات عميلة لأنقرة لإسقاط الطائرة إلا أن تقارير ومقاطع فيديو تؤكد مسؤولية تركيا مباشرة.

الطريق الدولي

وحقق الجيش السوري هدفاً طال انتظاره بسيطرته أمس، للمرة الأولى منذ العام 2012، على كامل طريق حلب - دمشق الدولي بعد أسابيع من بدء هجوم واسع بدعم روسي في شمال غربي سوريا.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن الجيش السوري «سيطر على منطقة الراشدين الرابعة عند أطراف مدينة حلب الغربية، لتستكمل بذلك سيطرتها على كامل الطريق الدولي للمرة الأولى منذ العام 2012».

ومن شأن هذا التقدم الأخير، أن يساهم في ضمان أمن مدينة حلب التي وبرغم استعادتها كاملة في 2016، بقيت هدفاً لقذائف الفصائل الإرهابية المنتشرة عند أطرافها الغربية.

وشنَّ الجيش التركي، إلى جانب الفصائل الموالية له، هجوماً على مواقع للجيش السوري في بلدة النيرب، حيث دارت معارك عنيفة تراجع خلالها الجيش السوري خارج البلدة، ومن ثَم نفّذ هجوماً معاكساً، واستعاد النقاط التي انسحب منها، وأجبر المهاجمين على الفرار بعد تدمير عدد من الآليات التركية.

تنكيل بالطيار

وبعد سقوط المروحية قام مسلحون موالون لأنقرة بسحب جثمان الطيار والتنكيل به، وظهر في تسجيل مصور مقاتل تركي وهو يتحدَّث إلى الكاميرا بجانب الطائرة. وأرسلت تركيا مزيداً من التعزيزات العسكرية عبر الحدود إلى الأراضي السورية، منها رتل يضمّ آليات ثقيلة ومدرعات ومضادات طيران.

وفيما هدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أمس، دمشق بدفع الثمن «غالياً جداً» في حال شن هجوماً جديداً ضد القوات التركية، قال الكرملين إنه يجب وقف كل الهجمات على القوات السورية والروسية في محافظة إدلب والالتزام بالاتفاقات التي أبرمتها روسيا مع تركيا بشأن الصراع في سوريا.

وكالة رويترز نقلت عن الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف قوله للصحافيين «في الوقت الراهن، نعتبر أن أهم شيء هو تنفيذ الاتفاقات (بين روسيا وتركيا)... وبالطبع قمع أي نشاط إرهابي موجه ضد منشآت القوات المسلّحة السورية والجيش الروسي».

وأضاف «نعتبر مثل هذه الطلعات الجوية من إدلب غير مقبولة». وقال بيسكوف إنه ليس هناك خطط في الوقت الراهن لإجراء محادثات مباشرة بين الرئيس فلاديمير بوتين والرئيس رجب طيب أردوغان بشأن سوريا، لكنه قال مراراً إن مثل هذا الاجتماع يمكن ترتيبه على عجل إذا تطلب الأمر.

تركيا وروسيا أجرتا محادثات قبل بضعة أيام في أنقرة بهدف التهدئة. وكان الطرفان أبرما اتفاقاً في 2018 لفرض منطقة منزوعة السلاح في إدلب واتفاقاً آخر في أكتوبر من العام الماضي لإخراج مقاتلي وحدات حماية الشعب السورية الكردية من المناطق القريبة من الحدود التركية.

لكن علاقات موسكو مع تركيا خضعت لضغوط مع تقدم القوات السورية.

وقالت روسيا الأسبوع الماضي إن عدداً من أفراد قواتها قُتلوا في هجمات متشددين في إدلب، وإن مثل هذه الهجمات انطلقت من منطقة تسيطر عليها تركيا.

إصرار سوري

الحكومة السورية جددت رفضها وجود قوات تركية داخل الأراضي السورية، واصفة هذا الوجود بالعدوان السافر الذي يشكل انتهاكاً سافراً للقانون الدولي واعتداء صارخاً على السيادة السورية، ويتناقض مع بيانات آستانا وتفاهمات سوتشي.

وكالة الأنباء السورية (سانا) نقلت عن مصدر في الخارجية قوله إن هذا «يؤكد إصرار نظام أردوغان على عدم احترام أي تعهدات، ومواصلة التصرف كنظام خارج عن القانون».

وأكد المصدر أن النظام التركي يستمر في عدوانه «في محاولة لإنقاذ أدواته من المجموعات الإرهابية المندحرة أمام تقدم الجيش العربي السوري». وأشار إلى أن الجيش السوري «سيستمر في مطاردة فلول هذه التنظيمات حتى القضاء عليها بشكل كامل واستعادة السيطرة على الأراضي السورية كافة».

700000

قالت وكالتان تابعتان للأمم المتحدة أمس، إن عدد من فروا من القتال في سوريا في الأسابيع العشرة الماضية يفوق عددهم في أي وقت آخر منذ بدء الحرب قبل نحو تسع سنوات، وإن مدينة إدلب التي تؤوي الكثيرين قد تتحول إلى مقبرة إذا استمرت الأعمال القتالية.

وقال ينس لاركيه من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «إنها أسرع عمليات النزوح نمواً التي شهدناها على الإطلاق في البلاد» وأضاف أن نحو 700 ألف فروا منذ ديسمبر أغلبهم من النساء والأطفال. وقال لاركيه «إنها تضم أكبر تركز للنازحين في العالم وتحتاج بشكل ملح إلى وقف الأعمال القتالية حتى لا تتحول إلى مقبرة».

وقال أندريه ماهيسيتش الناطق باسم مفوضية اللاجئين إن المساجد امتلأت والمخيمات تكدست. وأضاف للصحافيين في جنيف «حتى إيجاد مكان في مبنى تحت الإنشاء أصبح شبه مستحيل» وقال إن الأزمة الإنسانية هناك تتفاقم.

Email