مسؤولون أمميون لـ« البيان»: العالم مطالب بمواجهة تجنيد الأطفال في الحروب

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتجدد الحديث عن تجنيد الأطفال في النزاعات والحروب حول العالم كل عام خلال اليوم العالمي لمكافحة تجنيد الأطفال في الحروب والنزاعات والصراعات، لكن العمل الأممي والدولي لا ينقطع طوال العام، لمواجهة هذه الجريمة الإنسانية المتزايدة التي أخذت منحى خطيراً بعد حالة الفوضى عام 2011 في العديد من الدول.

أرقام صادمة

وقال لوران توفان، العضو العامل بمنظمة اليونيسيف بباريس لـ«البيان»، إن تاريخ العمل الأممي من أجل مكافحة ظاهرة «تجنيد الأطفال» بدأ عندما دخل البروتوكول الاختياري بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة حيز التنفيذ في 12 فبراير 2002، بمشاركة وتوقيع 100 دولة، كانت الأرقام آنذاك مجهولة وتعتمد على «التقريب» استناداً لتقارير بعثات منظمة العفو الدولية واليونيسيف والصليب الأحمر في مناطق النزاع، بإجمالي حوالي 100 ألف طفل، وخلال أربع سنوات تقريباً تم تدقيق الأرقام بشكل منهجي، فتم توثيق 250 ألف حالة خلال الأعوام من 2006 إلى 2009، في «أفغانستان، وأنغولا، وبوروندي، وأفريقيا الوسطى، وكولومبيا، وساحل العاج، والكونغو، وغينيا، بيساو، وليبيريا، وموزمبيق، ونيبال، ورواندا، وسيراليون، والصومال، وسريلانكا، والسودان، وأوغندا، وبورما»، وكان الرقم ثابتاً لأن أعداد الأطفال الذين يتم إنقاذهم ودمجهم في المجتمع في هذه الدول تتساوى مع أعداد المنضمين الجدد، وبعد العام 2011 شهد العالم حالة فوضى، هنا تغيرت الأرقام ومنهج التوثيق وجهود الإنقاذ،

ولا يستطيع أحد أن يجزم برقم حقيقي لأعداد الأطفال الذين تم تجنيدهم خاصة في دول «اليمن، وليبيا، والعراق، وسوريا، ونيجيريا، والصومال، والسودان»، بسبب صعوبة عمل المنظمات الأممية في مواقع النزاع، وأيضاً لأن استغلال الأطفال غير قاصر على حمل السلاح والقتال فقط، بل الأعمال المعاونة والخدمة في المعسكرات مثل النظافة والطبخ، والاستغلال الجنسي والتجسس، كلها أعمال تندرج تحت مسمى الاستغلال، والتقدير الصحيح بالنسبة لليونيسيف عام 2019 حول أعداد الأطفال المشاركين في النزاعات والحروب بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني الموثوقة، حوالي 350 ألف طفل تتراوح أعمارهم من 10 إلى 18 عاماً، جلهم في الشرق الأوسط حسب الترتيب «اليمن، ليبيا، نيجيريا، سوريا، العراق، الصومال»، بإجمالي 270 ألف طفل تقريباً، ويتوزع الباقون - 80 ألفاً - في دول أمريكا الجنوبية، والعمق الإفريقي ودول آسيوية.

دعم مهم

وأكدت آني بيلنجر، المراقب الإقليمي بجمعية الصليب الأحمر الفرنسية (CRF)، أن مهمة مكافحة تجنيد الأطفال في الحروب والنزاعات وعصابات الإجرام «بمختلف أنشطتها» أصبحت أثقل وأكثر تعقيداً بعد العام 2011، حيث تفرعت الجماعات الإرهابية في مناطق جغرافية مختلفة تحت راية تنظيم «داعش المتطرف» في العراق وسوريا وليبيا ومصر واليمن، وقامت مع تأسيسها بالتوسع في استغلال الأطفال، سواء بالتجنيد لحمل السلاح بشكل مباشر، أو العمل داخل المعسكرات والاستغلال الجنسي والتجسس واستخدامهم في عمليات انتحارية، ورصدت منظمة الصليب الأحمر خلال العمل في اليمن وليبيا والعراق وسوريا أكثر من 200 ألف طفل تم استغلالهم من طرف تنظيمات «القاعدة وداعش»، والميليشيات الأخرى مثل «الإخوان والحوثيين» بمختلف تسمياتهم حسب البلد، وقد نشرت شبكة هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» تقريراً صادماً عام 2018 عن بيع الرقيق في ليبيا بمعرفة حكومة الوفاق وميليشياتها، بينهم أطفال كانوا يستغلون بكافة الأشكال بإجمالي 10 آلاف حالة على الأقل، كذلك اليمن نفس الأرقام تقريبا، على إثر هذه الواقعة ناقش الاتحاد الأوروبي ومنظمة اليونيسيف بتوصية من الصليب الأحمر خلال الأعوام «2018 ـ 2019» ورقة عمل لزيادة دعم صناديق ومخصصات مواجهة الظاهرة، خاصة أنها ظاهرة تتمدد بـ«الرشح» أو العدوى إلى بؤر جغرافية مجاورة.

تفشي الظاهرة

وقد تحركت الكثير من الدول لدعم جهود مكافحة الظاهرة، حيث انخرطت بشكل مهم في جهود مكافحة مسببات الظاهرة، بدعم النازحين والمهجرين والفارين من ساحات المعارك في اليمن تحديداً، وفي ليبيا وسوريا والعراق، لأن قطع الطريق أمام الميليشيات والمنظمات الإرهابية قبل الوصول لهؤلاء الأطفال نقطة مهمة وعلاج ناجع للظاهرة، وهذا الدعم عزز العمل للمواجهة منذ 2011، ولولا هذا العمل المضني لبلغ عدد الأطفال بين صفوف الميليشيات والعصابات بضعة ملايين طفل، اليوم نستطيع أن نشيد بنجاح الجهود الدولية لمواجهة الظاهرة ـ رغم الأرقام المرتفعة ـ مقارنة بحجم النزاعات والفوضى في العالم، ومن المتوقع أن تتراجع هذه النسب بشكل كبير خلال السنوات الخمس القادمة إذا استمر الدعم العربي والأممي.

Email