القدس.. مدارس من طين تتحدى الاستيطان

ت + ت - الحجم الطبيعي

نحو 40 طفلاً وطفلة، لم تسعهم الفرحة، وقد ضمتهم مدرسة واحدة في القدس المحتلة، وإن لم تكن مثل بقية المدارس التي يلتحق بها أقرانهم.

جدرانها من إطارات السيارات المحشوّة والمغطاة بطين البادية، التي نالت من أجسادهم الغضّة ووجوههم البريئة، وأكسبتها سُمرة أصيلة، وعلى بابها وضعت صورة للرئيس الراحل ياسر عرفات، يحمل بيده ورقة وقلماً، وخلفه الحرم القدسي الشريف، وعلى يساره العلم الفلسطيني، فيما كتب الأطفال بخط اليد عبارة «نحن الذين جعلنا من عظامنا أقلاماً.. ومن دمنا حبراً، ورسمنا به خارطة الوطن».

ليس بعيداً عن القدس، العاصمة الأبدية لدولة فلسطين، التي تئن تحت الألم والجراح المثخنة، بات هؤلاء الأطفال البدو، في مستقر مقام علمي، يغنيهم عن التنقل مشياً، أو ركوباً على الدواب، للوصول إلى مدارس بعيدة، في بلدة أبو ديس في ضواحي القدس، أو مدينة أريحا الغورية، وأقربها تحتاج إلى ساعة زمنية، مع احتمال عدم تمكّن البعض منهم، لا سيما البنات، من مواصلة تعليمهم، حين لا يتمكنون هم وذووهم من توفير مقومات الاستمرار، ويفقدون القدرة على تحمل برد الشتاء، أو قيظ الصيف، وبُعد المسافات، الأمر الذي يزيد من نسبة الترجّل من المدارس، ويفاقم الجهل والفقر، الذي باتوا يسعون للخلاص من نير عبوديته المقيتة.

في منطقة الخان الأحمر في بادية القدس، أقيمت مدرسة مختلطة للصفوف الأساسية، بعد تجشم أهالي الخان، عناء مخاض عسير وصعب، لتثبيت بقائها، وقد بُنيت هذه المدرسة استجابة لنداء الحاجة، الذي أطلقته عشائر أربعة تجمعات بدوية، تقطّعت بهم السبل إلى طريق العلم، وإثبات الوجود، وقدسية المكان، بعد أن لاحقتهم أنياب التهجير والطرد، بفعل الزحف الاستيطاني المستعر في المنطقة.

ويعتبر مختار تجمع الخان الأحمر إبراهيم أبو داهوك، وجود هذه المدرسة في ظل الظروف الاستثنائية التي تعيشها القدس المحتلة، بأنه الرد الأمثل على سياسة الاستيطان والاقتلاع والتهجير، كما أنها تؤكد للعالم أجمع، بأن الفلسطيني صامد على أرضه، ويتطلع إلى العلم والإنجاز، وتحدي الظروف الصعبة.

قال لـ«البيان»: المكان ضيّق، لكن مكانته كبيرة، والتواجد فيه له انفعالاته الخاصة، فغرف الطين هذه، تؤكد على عدة رسائل، أبرزها إرادة المقدسيين في مواجهة التحديات، كما أن بناء هذه المدرسة يعدّ إنجازاً سياسياً، فهي بسيطة في شكلها ومرافقها، لكنها كبيرة في مدلولها ومعانيها.

كلمات دالة:
  • القدس،
  • الاستيطان،
  • المدارس،
  • القدس المحتلة،
  • العلم الفلسطيني
Email