تحليل إخباري

تركيا وسوريا.. من يحتل أرض من؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبدو أن المسؤولين الأتراك يريدون تغيير التفسير البديهي لمصطلح «الوقاحة»، فهم أطلقوا هذا الوصف على عمليات الجيش السوري لتحرير بقية أرضه من الإرهابيين المدعومين من أنقرة، فيما يتجاهلون «الوقاحة» في احتلال تركيا أراضي سورية ومساومتهم صاحب الأرض.

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يهدد ويطلق التحذيرات والمهل الزمنية للجيش السوري بأن يوقف عمليته ضد جبهة النصرة الإرهابية، في ريفي إدلب وحلب. ويطالب موسكو بالضغط في هذا الاتجاه، علماً بأنه تحاشى الرد على إعلان موسكو أن أنقرة لم تلتزم باتفاقات سوتشي وأستانا، وبضمن ذلك الفصل بين الإرهابيين والمعارضة. وزير الدفاع التركي خلوصي أكار بدوره يطالب الجيش السوري بالانسحاب من أرض سورية.

ما هي «الوقاحة» إذاً؟

في أكتوبر الماضي شن الجيش التركي عدواناً داخل الأراضي السورية، وكان المسؤولون الأتراك يعطونه كل يوم هدفاً مختلفاً، ما بين محاربة الإرهاب الذي يقصدون به السوريين الأكراد علماً أنه لم يسجل في تاريخهم أي تهديد لتركيا، وما بين الحرص الممزوج بالدموع على اللاجئين السوريين الذين لم يعرفوا من الحرص التركي سواء استخدامهم ورقة في وجه أوروبا. أما الأمن القومي التركي، فيعلم المسؤولون الأتراك أنه لن يتحقق إلى إذا تحقق الأمن القومي السوري واستعادت الدولة السورية سيادتها على كل أراضيها، ناهيكم عن طبيعة العلاقة التي يفترض أن تكون مع دول الجوار.

منذ بداية الأزمة، جعلت تركيا أرضها وحدودها معبراً لعشرات آلاف المسلّحين المتشددين من شتى بقاع الأرض، ليدخلوا إلى سوريا ويمارسوا التخريب الممنهج والموجّه.

من هؤلاء مثلاً جبهة النصرة الإرهابية التي تصنفها الأمم المتحدة ومعظم دول العالم منظمة إرهابية، والتحقت أنقرة أخيراً بهذا التصنيف تحت ضغط الحرج. لكن قبل ذلك كانت تركيا تنتقد هذا التصنيف. كمال كيليجدار أوغلو، زعيم المعارضة في تركيا، قال إن أردوغان وحكومته دعما الإرهاب في سوريا. وفي يونيو 2014، قال إحسان أوزكس، وهو برلماني من حزب الشعب الجمهوري التركي، أن وزير الداخلية التركي معمر غلر وقع على توجيه يأمر بتقديم الدعم إلى جبهة النصرة.

السفير السابق لأمريكا لدى تركيا، فرانسيس ريكياردون، اعترف كذلك أن تركيا دعمت وعملت بشكل مباشر مع «أحرار الشام» وجناح القاعدة في سوريا لفترة من الزمن. وقال إنه حاول إقناع أنقرة بإغلاق حدودها أمام الإرهاب، ولكن من دون جدوى.

كانت الحدود التركية تسمح للإرهابيين بالدخول إلى سوريا، وتسمح لمصانع حلب المفكّكة والمنهوبة وللنفط المسروق بالخروج من سوريا، الأمر الذي كشفته روسيا، في إعلان مرفق بصور الأقمار الاصطناعية.

الآن يتقدّم الجيش السوري في إدلب وريف حلب، وقد أعلن أنه لن يتراجع حتى استعادة كل شبر من أراضي سوريا، أما الجيش التركي فهو الذي عليه أن ينسحب لأنه قوة احتلال حسب توصيف دمشق وحسب القانون الدولي، وهذا ما يقوله الروس، بصفتهم ممسكين بمعظم خيوط الملف. ويدرك أردوغان هذا لكنه يحاول، مع قرب انفضاض المولد، أن يخرج ببعض الحُمّص. (دبي- أمجد عرار)

Email