خطة السلام الأمريكية تقتضي تحالفات جديدة

آلاف الفلسطينيين يؤدون صلاة الجمعة في باحات المسجد الأقصى | أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

الحراك الدبلوماسي الذي شهدته الأراضي الفلسطينية في الأيام الأخيرة، التي سبقت إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته للسلام المسمّاة «صفقة القرن» وتخلله لقاءات للرئيس الفلسطيني محمود عباس، مع كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والروسي فلاديمير بوتين، وولي العهد البريطاني الأمير تشارلز، وغيرهم، هدف إلى دفع العلاقات الثنائية بين فلسطين وهذه الدول، والبحث عن تحالفات جديدة.

قبل سنوات، تلقّى الرئيس محمود عباس «نصيحة» من سياسي مرموق، بنقل تحالفه الإستراتيجي إلى الاتحاد الأوروبي بدلاً من أمريكا، كاشفاً عن مخططات تسعى الإدارة الأمريكية لتنفيذها، ولن يرضى عنها الفلسطينيون.

لم يأخذ عباس النصيحة على محمل الجد، لكن تطوراً في توجهات الرئيس الأمريكي ترامب، بإعلانه القدس عاصمة لدولة الاحتلال، وما تبعه من إغلاق لمكاتب منظمة التحرير في واشنطن، وقطع المعونات عن وكالة غوث، وكل ما يؤشر على الإنحياز المطلق لإسرائيل، دفع الرئيس عباس لإحداث تغيير في توجهاته.

علاقة تحالفية

تاريخياً، حافظ عباس، منذ توليه رئاسة السلطة الفلسطينية العام 2005، على علاقة تحالفية مميزة مع واشنطن، باعتبارها الراعي الحصري لعملية السلام آنذاك، وتعمقت هذه العلاقة في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وتوّجت بامتناع الإدارة الأمريكية عن استخدام حق النقض «الفيتو» ضد قرار مجلس الأمن 2334 الخاص بالإستيطان، علاوة على توقيع أوباما، في أيامه الأخيرة، على مساعدة للسلطة الفلسطينية بلغت 221 مليون دولار.

بيد أن «شهر العسل» بين القيادة الفلسطينية، والإدارة الأمريكية، انتهى برمشة عين، ولمجرد أن تسلّم الرئيس ترامب مقاليد البيت الأبيض.لم يخف ترامب انحيازه لدولة الاحتلال، ما أثار قلق الفلسطينيين من قيامه بتنفيذ خطط أمريكية مؤجلة، كنقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة، وتأييد ضم الكتل الاستيطانية لإسرائيل، مع توفير الغطاء الشرعي للاستيطان.. هنا بدأت تحركات فلسطينية دبلوماسية، لفتح مسار تفاوضي بديل، فجاب عباس العواصم الأوروبية، بحثاً عن تحالفات جديدة.

في هذا الإطار، قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية د. صائب عريقات، إن الشعب الفلسطيني لديه علاقة تاريخية ومتينة مع الروس، الذين دعموه في مختلف المحافل والمواقف الدولية، مؤكداً أن روسيا قوة عظمى، ويمكن للفلسطينيين أن ينجحوا في التحالف معها.

مواقف شجاعة

أضاف عريقات: بعد إعلان ترامب عن صفقة القرن، اتصل بي نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، وقال لي: الكلام الذي سمعه عباس من بوتين في بيت لحم، هو موقفنا، ولن نتراجع عن دعم الشعب الفلسطيني في نيل حريته واستقلاله، ولن نقبل بأي حل ينتقص حقوقه.

أخيراً، اكتست العلاقة الفلسطينية الروسية أهمية خاصة، ما جعل القيادة الفلسطينية تعوّل على مواقف روسية أكثر تأييداً للحق الفلسطيني، وتنهي الاحتكار الأمريكي للحل الدائم.

وبات واضحاً أن القيادة الفلسطينية تستند في تحركاتها الدبلوماسية، إلى قاعدة جماهيرية مؤيدة لها في رفضها لصفقة القرن، كما الاتحاد الأوروبي سبق له اتخاذ مواقف شجاعة مؤيدة للفلسطينيين في مجلس الأمن والأمم المتحدة، فهل ينجح عباس، في فتح مسار جديد مع موسكو؟.. خصوصاً وأن القضية الفلسطينية، غابت في السنوات الأخيرة، تحت ركام قضايا إقليمية متصاعدة؟.

Email