قصة خبرية

جمعة آدم.. فارس أريحا الأسمر وعميد أسراها

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكثر من ثلاثة عقود من الزمن وهو يصارع رياح الإحباط واليأس، تطوقه حبال الشوق للأهل والأحبة. يشده الحنين لرؤية شروق الشمس وغروبها عن مدينته أريحا، لسماع أصوات مآذن المساجد، وأجراس الكنائس، وضجيج أطفال الحارة في الحي القديم، لخبز أمه وقهوتها، وكوب شاي على عتبة منزلها، لرائحة التراب بعد المطر، ولذكريات كثيرة تراوده كل يوم ألف مرة.

لك أن تتخيل 34 عاماً من البعد القسري في سجون الاحتلال، يقضيها الخمسيني جمعة آدم التكروري بين جدران تلازمها رائحة الموت البطيء. ففي ذروة الانتفاضة الأولى عام 1987 تصدى جمعة ورفاقه لجنود الاحتلال بزجاجات «المولوتوف» الحارقة على سياراتهم العسكرية أثناء مرورها وسط مدينة أريحا، واعتقل على إثر ذلك، وحكم عليه بالسجن 22 شهراً وكان عمره 17 عاماً.

تعود جذور الأسير جمعة آدم إلى جمهورية النيجر في إفريقيا، حيث قدم والده إلى فلسطين في العام 1963، بهدف «التقديس» فقد اعتاد الكثير من المسلمين قبل احتلال فلسطين زيارة المسجد الأقصى بعد أدائهم فريضة الحج، واستقر والده بداية في القدس، ثم انتقل بعدها إلى مدينة أريحا في الضفة المحتلة، وبعد ولادة جمعة بثلاث سنوات توفي الوالد.

حرية مؤقتة

لم يتوانَ جمعة لحظة واحدة عن تلبية نداء الوطن، فبعد الإفراج عنه بأشهر قليلة خطط مع رفاقه الأسيرين عبد الرحيم تكروري، ومحمود سالم أبو خربيش، لتنفيذ عملية حرق لباص إسرائيلي، بالمولوتوف، أدت لمقتل عدد من الجنود وإصابة آخرين، أغلقت مدينة أريحا على إثرها إغلاقاً شاملاً وهدمت منازل الفدائيين الثلاثة، وأعيد اعتقال جمعة مع رفاقه.

وتعرض منذ لحظة اعتقاله لتحقيق قاسٍ وتعذيب نازي استمر 70 يوماً إلى أن حكم عليه بالسجن مدى الحياة واستقر به المطاف في سجن هداريم، ظلت والدته تزوره طيلة فترة اعتقاله إلى أن توفاها الله في العام 2008، وكانت وفاتها من أصعب المواقف التي تعرض لها منذ اعتقاله، ومنذ وفاتها وهو محروم من زيارة ذويه بحجة المنع الأمني. تمكن جمعة من انتزاع حقه في التعليم، فحصل على شهادة الثانوية العامة، وشهادة البكالوريوس في العلوم السياسية، ويحضر لدراسة الماجستير بالشؤون الصهيونية في جامعة القدس.

معاناة

يعاني الأسير جمعة من مرض تكسر الصفائح الدموية أدى إلى فقدان كثير من وزنه بشكل مفاجئ، تقول رقية التكروري شقيقة الأسير لـ«البيان». وتتابع بلوعة المشتاقة للقاء الأخ «لم أرَ أخي منذ اعتقاله، حتى الصور يمنعونها عنا، فآخر صورة وصلتنا له قبل نحو 15 عاماً، خاض عدداً من الإضرابات عن الطعام كان آخرها عام 2017 في معركة الحرية والكرامة التي استمرت 42 يوماً».

Email