مخرجات برلين أمام تحديات الواقع الليبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

انتهى مؤتمر برلين، وبقيت توصياته المعلنة تواجه تحديات التنفيذ على الأرض، فليبيا اليوم تعيش المرحلة الأخطر في تاريخ أزمتها، بعد أن تحول جزء من أراضيها إلى مسرح للمرتزقة المستقدمين برعاية تركية إلى العاصمة طرابلس للقتال في صفوف ميليشيات عقائدية وحزبية، جهوية وعصابات إجرامية ضد الجيش الوطني الليبي الذي يفترض أنه المؤتمن الرسمي على سيادة الدولة وسلامة ترابها الوطني وحماية مقدراتها.

إن الأزمة الليبية التي انطلقت مع الإطاحة بالنظام السابق في عام 2011، تتمثل بالأساس في سعي قوى متطرفة إلى وضع يدها على السلطة وبالتالي على الثروة اعتماداً على قوة السلاح، وفي وجود أطراف سياسية مرتبطة بمشروع الإسلام السياسي، تدرك أنها فاقدة لشرعية الشارع، ما جعلها تصرُّ على فرض سياسة الأمر الواقع، منذ المؤتمر الوطني العام وصولاً إلى حكومة الوفاق، مروراً بفجر ليبيا، مستفيدة في ذلك من وضع يدها على مؤسسات الدولة وعلى رأسها المؤسسة الوطنية للنفط والمصرف المركزي والمؤسسة الليبية للاستثمارات الخارجية.

ولعل من المسكوت عنه في الأزمة الليبية هو النظرة العنصرية التي اتضحت معالمها مؤخراً، من خلال الهجوم الممنهج على القبائل العربية البدوية التي تمثل أغلب سكان البلاد، والتي تدعم الجيش الوطني بعد أن كان الجانب الأكبر منها موالياً للنظام السابق، والرافضة بشكل مُعلن لقوى الإسلام السياسي وبخاصة جماعة الإخوان.

ولعل الخطأ الفادح الذي وقعت فيه حكومة الوفاق، هو تبعيتها للإخوان وأمراء الحرب في الانسياق نحو المشروع التركي الذي يمثّل حساسية خاصة بالنسبة لغالبية الشعب الليبي، حيث يذكّرهم بتاريخ طويل من التشريد والتهجير والقتل والنهب.

Email