يوميات الثورة

الانتفاضة اللبنانيّة.. «حتّى آخر نفَس»

ت + ت - الحجم الطبيعي

«مش سلميّة مش سلميّة، هيدي ثورة مشْ غنيّة (أغنية)».. هو هتاف رافق تحرّكات ثوّار لبنان في أسبوع غضبهم، الذي انطلق يوم الاثنين الماضي، وبدا انعكاساً لأوّل أيّام الانتفاضة، ولا يزال مستمرّاً حتى إشعار آخر، فيما لسان حالهم يقول: حبْل الانهيار «على الجرّار»، وقد بتنا على مشارف «ثورة جيّاع». أمّا الانتفاضة، فـ«باقية، وتتمدّد، في وجه مجموعة قابضة على الأنفاس، لا تزال تتنفّس حصصاً ومغانم»، وفق تعبير الناشطة ديانا.

وللرقم 17 رنّة خاصة في آذان الثورة. ومع هذا التاريخ، بدأ الشهر الرابع على الثورة، مع ما حملته وتحمله من متغيّرات وتفرضه من وقائع. وأوّل من أمس، استذكرت ديانا 17 أكتوبر 2019، الذي أدّى إلى استقالة الحكومة بعد أسبوعين على اندلاعها، و«استهلكت 3 مرشّحين محتملين لتشكيل الحكومة، واستقرّت على الرابع (حسّان دياب) الذي سيطوي شهره الأول على التكليف. أمّا«هم»، فـ«ما زالوا يزرعون أسماء ووجوهاً مقنّعة لنصبح أمام توليفة: هاشلة بربارة».

وهكذا، دخل الحراك الشعبي شهره الرابع، والجائعون والمهدَّدون بما هو أسوأ من الفقر والجوع لا يجدون سوى الشارع مكاناً لإطلاق صراخهم لعلّه يصوّب المسار، ومنهم منال، الصبيّة العشرينيّة التي ما زالت تردّد شعارات الثورة، و«حتّى آخر نفَس»، وفق تعبيرها، وتهتف لإسقاط النظام، ومعه حكم المصرف والفاسدين، فـ«نحن ننتمي إلى جيل جديد، جئنا من خارج الأحلاف القديمة لنعلن القطيعة مع الأوصياء»، تقول لـ«البيان»، مع قناعتها بأنّ الانتفاضات لا تحقّق بالضرورة نجاحات حاسمة، إلا أنّ أبرز المكاسب التي تحقّقها تتمثل حرفيّاً في لحظة قيامها وإعلانها عن نفسها كانتفاضة.

وفيما الدولة ماضية على طريقة «ماشية والربّ ‏راعيها»، سارت منال مع آلاف المنتفضين الذين تحدّوا الانتظار، وباتوا على موعد جديد مع إعادة تزخيم ثورتهم أكثر، وإعادة إحياء ما انطفأ.. هتافات ضدّ المجلس النيابي مجتمعاً،«ميّة و28، ضحكوا علينا بإسم الدين»و«28 وميّة، كلهم قرْطة حراميّة». ردّيّات كثيرة طالت العديدين من رموز السلطة. عودة أغنية «هيلا هو» بنسختها الأصليّة، من دون إغفال أيقونة شعارات الانتفاضة «كلّن يعني كلّن»، وفي رصيد الـ«كلّن» كمّ من الفشل والفساد وسوء الإدارة، يغذّي الثورة ويمدّ ثوارها بالعناوين تباعاً. وليس أدلّ على واقعيّة اشتعال «ثورة 17 تشرين» مجدّداً سوى اللافتة التي رفعها المنتفضون مجدّداً، باقتباس مقولة الكاتب الفرنسي جان جاك روسّو «إذا الشعب جاع، بياكل حكّامو».

«ثورتنا بخير، وهي ستبقى بخير»، فقد «ربحنا كراماتنا، منذ أن تحرّكنا ضدّ رغبة الذين اعتادوا أن يكونوا زعماءً لنا»، يقول الناشط بلال لـ«البيان»، والذي اختار توصيف المشهد على طريقته: الدولار «هربان»، الشركات تُقفل تباعاً، الموظفون في أكبر نسبة عطالة عن العمل، صرف جماعي من المؤسّسات، طلاب خارج مدارسهم ومدارس خارج التعليم، مستشفيات تشكو نقص المستلزمات وأطباء خرجوا إلى الشارع بالثوب الأبيض، وفي المقابل هناك من يقترح حكومة الـ24.

Email