تحليل

بوتين في دمشق.. رشقة من الرسائل

ت + ت - الحجم الطبيعي

دائماً ما يجذب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأنظار في تحرّكاته ومواقفه.

هذا ما بدا واضحاً إزاء الزيارة المفاجئة التي قام بها لدمشق من دون إعلان مسبق. وكونها مفاجئة لا يعني أن التفكير بها كان وليد اللحظة، أو أنها مرتبطة بحدث ما بعينه كما يروق للمهووسين بالربط بين الأحداث، إنما هي رشقة رسائل يطلقها بوتين في أكثر من اتجاه. ليست التصريحات وحدها ما يؤشر على دلالات هذه الزيارة، رغم أن اللقاء السياسي عقد في مقر عسكري روسي بدمشق.

فالرئيس الروسي تجوّل في شوارع دمشق وزار الجامع الأموي والكاتدرائية المريمية، وفي ذلك رسالتان، الأولى إشارة إلى النسبة العالية من الأمان الذي تحقق في سوريا بمساعدة فاعلة من موسكو، وقد أوضح هذا بقوله إنه تم قطعُ شوطٍ كبير في إعادة بناء الدولة السورية ووحدة أراضيها.

مشيراً إلى علامات استعادة الحياة السلمية في شوارعها. هذا يعني أن سوريا ترتدي حلّة جديدة رغم أن جسدها مثخن بالجراح، لجهة استعادة الدولة جزءاً مهمّا من عافيتها، ودورها على مستوى المنطقة. والرسالة الثانية تتمثّل بالإشارة إلى العيش المجتمعي والطائفي المشترك لدى الشعب السوري.

ولا بد أن الرئيس الروسي يستشعر قرب الخروج العسكري الأمريكي من سوريا، وقد تقصّد في تصريحاته من دمشق الحديث عن وحدة كل الأراضي السورية، وفي هذا رسالة للأتراك أن لا يتمادوا في أطماعهم.

وكما يرى المحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف فإن الرسالة التي يمكن أن نقرأها من زيارة بوتين إلى دمشق هي أن موسكو مع الشعب السوري ومع حكومته وتدعمهما في مكافحة الإرهاب، لذلك كان هناك تركيز في المحادثات على شمال وشرق سوريا ولا سيما في إدلب، ولا بد من الإشارة هنا إلى أنه كان يرافق بوتين في الزيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.

كما أن ثلاث طائرات روسية من نوع «إليوشن 76»، تحمل معدات عسكرية مختلفة هبطت في قاعدة «حميميم» الروسية في سوريا، تزامناً مع زيارة بوتين إلى دمشق التي تمت بعد مرور يومين على عبور سفينة الصواريخ التابعة للبحرية الروسية «مارشال أوستينوف»، مضيق البوسفور والدردنيل، ودخولها البحر الأبيض المتوسط.

ولأن بوتين لا يترك شيئاً للصدفة ولا يقوم بخطوة عشوائية، فإن محللين رأوا في زيارته قبر صلاح الدين الأيوبي بدمشق عشية لقائه أردوغان، خطوة ذات دلالة ضاغطة على الأتراك. (دبي - أمجد عرار)

 

Email