حكومة لبنان.. فرملة على وقع الاغتيال

محتجون لبنانيون أمام منزل حسان دياب | أ.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

على وقع الترددات التي تركتها عملية اغتيال قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، تسرّبت معلومات، من الكواليس السياسيّة الضيّقة في الساحة اللبنانية، مفادها وجود ما يشبه الانقلاب على التركيبة التي يسعى إليها الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة حسّان دياب، ووقف البحث في حكومة من الاختصاصيّين وتشكيل حكومة تكنو- سياسيّة تستوجبها التطوّرات المتسارعة في المنطقة، وبلون سياسي واضح، ما يعني أن عملية فرملة قد جرت على وقع الاغتيال.

ذلك أنّ حكومة اختصاصيّين، كالتي يُعمل على تشكيلها، ستبدو وكأنّها تسير في خطّ معاكس للتطوّرات، ولن تكون في مطلق الأحوال، وبوجوهها «التكنوقراطيّة»، قادرة على مواجهة تحدّيات وتداعيات قد تتّسم بالخطورة.

وفي السياق، وبعدما أفادت معلومات بأنّ عملية التأليف تراجعت خطوات إلى الوراء، إذ إنّ ما كان يُسوّق بأنّ الأسماء الشيعيّة المرشّحة للتوزير ما عادت، لأنّ ما قبل اغتيال سليماني لن يشبه بالضرورة ما بعده، تجدر الإشارة إلى أنّ فكرة تشكيل حكومة تكنوقراط، في الظروف الدقيقة والاستثنائيّة الراهنة، تقلق «حزب الله» ولا تطمئنه إلى الضمانات التي يمكن أن يحصل عليها من حكومة مماثلة، ومن رئيسها تحديداً.

مواجهة الضغوط

أمّا على مقلب الرئيس المكلّف، فبدأت التساؤلات تُطرح بقوّة أكبر: هل يصمد في وجه الضغوط التي يتعرّض لها، في حال بقي منزوع الغطاء السنّي، الذي يهدّده في الوقت عينه بسحب الغطاء الدولي عن حكومته المصنّفة، سلفاً بأنّها «حكومة حزب الله»؟.. علماً أنّ الحكومة المرتقبة هي، في الواقع، حكومة «اللون الواحد»، إذ هي في الظاهر من اختصاصيّين، وفي الباطن رسمت معالمها القوى السياسيّة التي سمّت دياب، وأبرزها التيار الوطني الحرّ و«حزب الله» وحركة «أمل»، ما يتعارض ليس فقط مع ما ينادي به اللبنانيون المحتجون، بل أيضاً مع ما تطلبه الدول المانحة في إطار مساعدة لبنان. وبالتالي، ستكون محاصرة من أربع قوى: القوى السياسيّة المعارِضة، الشوارع الطائفية والمذهبية الرافضة، قوى الانتفاضة الشعبية والمجتمع الدولي.

المشهد الحكومي

إلى ذلك، لا يزال التأليف الحكومي عالقاً في شيطان التفاصيل اللبنانية، منذ 19 ديسمبر الفائت، تاريخ تكليف حسّان دياب، فيما بيّنت نقاشات ومداولات الساعات التي تلت الحدث العراقي أنّ المسؤولين اللبنانيين متوجّسون من انعكاسات سياسيّة على استقرار الوضع اللبناني، مع ترقّب لما سيكون عليه موقف «حزب الله» أو ردّة فعله، باعتباره الذراع الإيرانيّة الأقوى على شاطئ البحر المتوسط. لكنّ هذه النقاشات أفضت إلى قناعة بضرورة إنهاء الملفّ الحكومي، كعامل أساسي في تحصين الوضع الداخلي حيال ما هو مرتقب إقليميّاً.

ووسط التحذيرات من مرحلة تعود بالبلاد إلى نقطة الصفر، وفي خضمّ الرياح العاتية الضاربة من كلّ حدب، لا تزال الشروط والعُقد مهيمنة على صورة المشهد الحكومي، وتلقي بثقلها على الرئيس المكلّف الذي بدأ يستشعر «الألغام» الموضوعة في طريق تأليف حكومته المصغّرة من المستقلّين وأصحاب الاختصاص.

وبحسب المعلومات المتوافرة، لا تزال عقدة التمثيل المسيحي الوحيدة أمام دياب، في ظلّ تمسّك الوزير جبران باسيل بحصريّة تسمية الوزراء المسيحيّين (باستثناء ممثل تيار «المردة»)، فضلاً عن فيتو على الاسم الذي اقترحه دياب للخارجية وهو الوزير السابق دميانوس قطار.

Email