تقارير «البيان»

عقبات تعترض طريق التأليف الحكومي في لبنان

ت + ت - الحجم الطبيعي

في أوّل يوم عمل بعد حلول العام الجديد، سجّل الحدث السياسي ثلاث محطات أساسيّة، بدءاً من الحكومة التي لم تتخلّق بعد، فيما لا يزال الرئيس المكلّف حسان دياب مستمراً في مساعيه لتذليل ما تبقّى من عقبات في سبيل أن ترى النور، مروراً بالانتفاضة التي استعادت زخمها، من قطع طرق ووقفات احتجاج أمام مرافق عامة، بعد استكانة فرضتها عطلة الأعياد.

تشكيل عالق

ولا يزال التشكيل الحكومي عالقاً في محطة التفاصيل منذ 19 ديسمبر الماضي، تاريخ تكليف حسّان دياب، إذ إنّ أهل الحكم لا يزالون يبحثون عن مصالحهم، وعن ضمان أفضل الحصص الممكنة لهم، من قالَب الحكومة هذه الطائفة تريد عدد وزراء أكبر، وهذا الفريق السياسي يعمل لانتزاع تلك الوزارة ومنعها من الذهاب لطرف آخر، فيما تسعى مكوّنات لإبقاء وزارات كبرى في جيبها بعد أن كرّستها لنفسها بعيداً من أي دساتير وقوانين.

عقبات

وتحت وطأة النهم المزمن بالحصص والتحاصص، تبقى ولادة حكومة دياب أسيرة تأليف ‏معلّق على لعبة شدّ الحبال بين مكوّنات الأكثرية النيابية التي كلّفته التشكيل، وسط تأكيد أوساط ‏مطلعة على المشاورات الجارية بين «قوى 8 آذار» أنّ عقبات حالت دون ولادة التشكيل ‏الحكومي، لكنّها لم تستبعد أن تشهد الساعات المقبلة حلولاً جذرية للعقد ‏المستعصية قد تؤدي لإعطاء الضوء الأخضر لصدور مراسيم التأليف.

وتأتي هذه التطوّرات في ظل ترجيح أن تكون تركيبة دياب من الكفاءات الذين ستختارهم القوى السياسيّة، ما يعني أنّهم ليسوا مستقلّين.

وفي حال بقيت الأمور على حالها، يرجّح مراقبون أن تولد الحكومة المرتقبة «ميتة»، باعتبار أنّ المتظاهرين سيقابلونها بتصعيد قوي في الشارع، وربما بلغ بهم الغضب حد منعها من نيْل ثقة البرلمان عبر قطع طريق النواب.

مكمّلات تأليف

وفي المحصلة، تبدو عملية التأليف أشبه بهبّة باردة، وهبّة ساخنة، إذ إنّ ثمّة فريقاً يعتبر أنّ التشكيلة الحكوميّة أصبحت جاهزة، وأنّها تنتظر بعض المكمّلات البسيطة لإنجازها، وليصعد الرئيس المكلّف إلى بعبدا، حيث تصدر مراسيم التأليف. ويستند المتفائلون إلى أنّ التشكيلة كادت تُعلن الاثنين الماضي، إلّا أنّ عقبات اللحظات الأخيرة هي التي أخّرت إنجاز التأليف.

في المقابل، ثمّة فريق يؤكد أنّ دياب لن يتمكن من تشكيل حكومة، وأنّ التفاؤل الموزّع عبر بعض المصادر هو تفاؤل مصطنع ومبرمج، ولا يعبّر بتاتاً عن الحقيقة والواقع.

ولعل الثابت أنّ الحكومة ستلقى معارضة شرسة من أحزاب وقوى سياسيّة كثيرة، إضافة إلى مرجعيات، ما يزيد من الضغط عليها.

ويرجّح كثيرون ألّا تلقى الحكومة تأييد المجتمع الدولي ودعمه لمواجهة الأزمة الاقتصادية الصعبة التي يعانيها لبنان، ذلك أنّ «حكومة اللون الواحد» تبدو محكومة بالانقسام حولها، ومن شأنها أن تعقّد الأزمة الداخلية أكثر، إذ ستستفزّ الشريحة الواسعة من اللبنانيين، وتشكّل سبباً لإشعال الشارع من جديد، فضلاً عن أنّها ستقفل أبواب الخارج أمام لبنان وتحجب المساعدات المنتظرة منه.

ويتوقّع مراقبون أنّ تعزّز الحكومة الجديدة القناعة لدى هذه الشريحة الواسعة بأنّها حكومة حزب الله بالفعل، فيما ثمّة إشارات كثيرة، بهذا المعنى، قد صدرت من مستويات خارجية ودولية متعدّدة.

Email