عقلاء الخليج

رسم المستقبل بتحصين المنطقة من المكائد

ت + ت - الحجم الطبيعي

«العالم في الخليج».. أحداث عديدة مُرتقبة تشهدها منطقة الخليج في عام 2020، تضعها في بؤرة الأحداث ومحط أنظار العالم أجمع، ومن بينها قمة العشرين التي تنعقد في المملكة العربية السعودية، وإكسبو 2020 في دبي، ما يؤكد عدداً من الحقائق المُهمة، وفي مقدمتها مدى ما تشكله دول الخليج من قوة وحضور على الصعيدين الإقليمي والدولي، كقوى مؤثرة وفاعلة في مختلف القطاعات، فضلاً عن الاستقرار الذي تنعم به تلك الدول في منطقة تموج بالاضطرابات والأزمات المختلفة.

الطفرات التي حققتها دول مجلس التعاون خلال العقد الماضي بشكل خاص، ولا سيما في ما يتعلق بنمو الاقتصاد غير النفطي، عززت من قوة تلك المنطقة وحضورها على الصعيد الدولي، ليس فقط كقوى مُنتجة للنفط، وجعلتها في بؤرة التكتلات الاقتصادية العالمية ومن ضمن الاقتصادات القائدة في العالم.

مثّلَ عام 2019 حلقة من حلقات تلك الطفرات في دول خليجية، تزامناً مع وضع داخلي مستقر، وفي ظل سياسات اقتصادية متزنة أثمرت توقعات أن يكون الاقتصاد الخليجي هو الأكثر نمواً في عام 2020، طبقاً لصندوق النقد الدولي، الذي تشير تقديراته إلى أن النمو الاقتصادي للسعودية في 2019 يفوق التوقعات مع توسع القطاع غير النفطي بشكل أسرع من الاقتصاد الأوسع نطاقاً.

كما تحدث الصندوق عن زيادة زخم النمو بدولة الإمارات العربية المتحدة، مدفوعاً بزيادة الاستثمار والائتمان المقدم للقطاع الخاص، وتحسن الآفاق لدى الشركاء التجاريين.

الوضع الاقتصادي المستقر الذي تشهده كثير من دول الخليج، مصحوباً بالقرارات الداخلية التي تضع المواطن نصب عينيها في كثير من دول الخليج، كمحور رئيس للتنمية، يتزامن ووضع أمني واستراتيجي محفوف بالمخاطر والتحديات، في ظل الأزمات التي تعانيها منطقة الشرق الأوسط، والصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية في دول الأزمات.

جنباً إلى جنب واستهداف دول الخليج الداعية لمكافحة الإرهاب بحروب الجيل الرابع (وأهم أدواتها سلاح الشائعات) أو الاستهداف المباشر بعمليات إجرامية كما هو الحال في الاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها السعودية طيلة العام، والتي تقف وراءها إيران وميليشيا الحوثي المدعومة منها في اليمن.

وما عملية استهداف «أرامكو» الشهيرة، في شهر سبتمبر الماضي، إلا حلقة من حلقات الاستهداف الحوثي الإيراني للمملكة، جنباً إلى جنب مع الصواريخ الباليستية.

تحديات أمنية

تصاعد الاستفزازات الإيرانية، كان من بين أبرز التحديات الأمنية التي واجهت دول الخليج في عام 2019، سواء بصورة مباشرة أو من خلال الأذرع والميليشيات الإيرانية، فيما جاء التنسيق والتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية من أجل حماية المياه قبالة سواحل إيران واليمن لضمان حرية الملاحة، من أبرز المحطات التي شهدها العام.

وفي الوقت الذي واصلت دول مجلس التعاون الخليجي وفي القلب منها السعودية والإمارات - أدوارها في الدعوة والتنسيق لمكافحة الإرهاب بالتنسيق مع الأطراف العربية الفاعلة (مثل مصر) وكذا الأطراف الدولية، فإن سياسات خارجة عن الصف لا تزال تعانيها المنطقة وتترك تداعياتها وآثارها في شق الصف وفرض تحديات إضافية بالمنطقة.

جهود الدول الداعية لمكافحة الإرهاب، مثلت حجر عثرة أمام أصحاب تلك السياسات العدائية من امتداد تأثيرهم السلبي، وفضحت توجهاتهم أمام العالم، وقد شهد عام 2019 محطات مهمة في مواصلة فضح الدول الداعمة للإرهاب وارتباطاتها المختلفة.

وعملياً، لم تفلح جهود الوساطة لتجاوز «أزمة قطر»، في ظل تمسك الطرف الداعم للإرهاب بموقفه وسعيه لشق الصف، بينما جاءت القمة الخليجية الأخيرة بغياب أمير قطر - مؤكدة وحدة الصف الخليجي، ومواصلة التكامل العسكري والأمني والوحدة الاقتصادية والتنافسية العالمية.

وعلى الصعيد الأمني والاستراتيجي أيضاً، واصلت السعودية والإمارات ملحمتهما الاستراتيجية والإنسانية في اليمن، دعماً للشرعية. ومن بين الحلقات المُهمة في ذلك الصدد رعاية الاتفاق بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي، بما يمثل تغيراً مهماً وتاريخياً في مسار الأوضاع في اليمن، وذلك في خطٍ متوازٍ مع الجهود العسكرية والسياسية والإغاثية المتواصلة.

وفي ما يتعلق بالعلاقات الخارجية، شهد عام 2019 أيضاً تواصل حلقات الانفتاح على قوى دولية مؤثرة، لتحقيق توازنات إقليمية تخدم مصالح دول مجلس التعاون الخليجي، كما هو الحال في الانفتاح السعودي على روسيا والصين على سبيل المثال، والشراكة الشاملة بين الإمارات والصين وروسيا لتعزيز السلم والأمن الدوليين.

وواصل الثنائي النموذج (السعودية والإمارات) علاقاتهما الفريدة التي يحتذى بها، والتي حصّنت دول المنطقة من عديد من الأزمات، وعدّت علاقاتهما حجر الزاوية لتعزيز أمن واستقرار المنطقة، ومع إضافة الشقيقة الكبرى مصر، فإن الثالوث السعودي الإماراتي المصري شوكة في حلق المخططات الشيطانية في المنطقة.

ما شهده عام 2019 من تطورات يؤكد استمرار عقلاء الخليج في رسم المستقبل والدفاع عن أمن واستقرار المنطقة، في مواجهة التحديات الأمنية ممثلة في السياسات والأنشطة الإيرانية المعادية، وأذرع وميليشيات نظام الملالي المختلفة، بينما فشلت مكائد قطر في تحقيق مآربها الخبيثة.

Email