الاتصال الأخير.. «5 دقائق» تلقي بعائلة في عراء غزة

ت + ت - الحجم الطبيعي

حافظت أم محمد زعرب على تأثيث منزلها الذي سكنته من جديد بعناية فائقة، بأجهزة كهربائية ومطبخ لائق، من خلال الأجر الذي تتقاضاه من فرص العمل المؤقتة، من أجل العيش بسلام، لكن هذا الحلم والحياة الجميلة أنهته مكالمة إسرائيلية قصيرة مع زوجها، بتدمير بيتها بالكامل.

حدث ذلك منتصف الشهر الماضي، وبداية الحكاية كانت بتلقي أبومحمد زعرب اتصالاً من المخابرات الإسرائيلية تطلب منه مغادرة بيته، بعد التأكد من شخصيته، وسؤاله عن عدد أفراد أسرته، فكانت إجابته سريعاً: «نعم لديّ 9 أبناء»، وهنا طلب ضابط الاحتلال منه مغادرة منزله على الفور.

مكالمة أقلقت زوجته أم محمد، لاسيما أنها جاءت في وقت متأخر من الليل، فدفعت ابنتها لمعرفة المتصل، متوقعة أن يكون نجلها الذي يتواجد في الضفة الغربية، للسؤال عنهم وعن أخبارهم، أو مؤسسة تسأل عن عدد أفراد الأسرة لتقديم المساعدة لهم.

لكنها كانت الصدمة، بتحريك زوجها يديه مستعجلاً مطالباً زوجته مغادرة البيت، بملامح وجه رسمت عليه علامات الذعر.

مكالمة التحذير

طالب زوجته بمغادرة المنزل، وبعد لحظات تمكن من الحديث معها ليخبرها بأن الاحتلال سيقصف المنزل، وهنا قالت الزوجة إن الاتصال ربما يكون مزحة من أحد أصدقائه، لكن سرعة الزوج في إخلاء أطفاله، دفعت الزوجة لسرعة الرحيل بلا نقاش.

لم تتوقع أم محمد للحظة واحدة أن يتم قصف بيتها وهدم حلمها، الذي يحتضنها وأبناءها التسعة. كانت المهلة خمس دقائق فحسب لمغادرة البيت، وهي لا تكفي حتى للبحث عن الحذاء.

مهلة قصيرة، كانت بدايتها اتصال أخير داخل المنزل مع ضباط الاحتلال، فمكالمة قصيرة لا تتعدى دقائق، انتهت بقصف البيت تبعتها معاناة كبيرة، ستتواصل معهم لفترة طويلة. بدأت صدمة وانتهت واقعاً، إذ انقلبت حياة أسرة زعرب رأساً على عقب، وجلست بناته وأبناؤه على ركام منزلهم بعد أن انقشع الليل، وشقشق النهار بألم كبير لهم، محاولين البحث عن بقايا حاجياتهم الشخصية.

ملابس الصلاة

تقول أم محمد لـ«البيان»: «حتى بناتي خرجن من البيت بملابس الصلاة، ونسينا ابنتي الكبرى في البداية داخل المنزل وتركنا كل أوراقنا الرسمية المهمة بالداخل، وانتهى الحلم». لقد باعت بيتها القديم وأرض أبنائها، من أجل تكوين هذا البيت الصغير لتعيش فيه بأمان مع أبنائها، ولم تفرح به. الجيران والأقارب لم يكن بمقدورهم سوى تقديم الملابس والأغطية.

Email