محمد براش.. كفيف ومبتور الساق ويصارع المؤبدات

ت + ت - الحجم الطبيعي

«لا تقل لأمي إني صرت أعمى، هي تراني وأنا لا أراها، أبتسم وأتحايل عليها على شباك الزيارة عندما تريد أن تريني صور إخوتي وأصدقائي وجيران الحارة، فهي لا تعرف أني أصبحت كفيفاً، بعد أن دب المرض في عينيّ حتى اجتاحت العتمة كل جسدي.. لا تقل لها بأني أنتظر عملية جراحية لزراعة القرنية منذ سنوات، ولكن إدارة السجن تماطل».

هذه الكلمات ليست مقتطفات من رواية، بل مقدمة لرسالة إنسانية كتبها الأسير محمد خميس براش لأخيه، يشكو فيها سوء وضعه الصحي الذي يتدهور يوماً تلو الآخر في زنازين الظلم والظلام.

محمد خميس محمود براش (40 عاماً) من سكان مخيم الأمعري جنوبي مدينة رام الله وسط الضفة المحتلة، يعتبر من أصعب الحالات المرضية في سجون الاحتلال، ويعيش ظروفاً سيئة للغاية. أصيب في أبريل 2002 بعد محاولة قوات الاحتلال اغتياله، باستهدافه بقذيفة «أنيرجا» وسط رام الله، خلال فترة مطاردته، فقد على إثرها ساقه اليسرى.

عذاب الاعتقال

ظل الأسير براش مطارداً رغم إصابته بجروح بالغة، وظل يتنقل بين مشافي رام الله خشية اعتقاله حتى تلقى العلاج اللازم. وبعد مطاردة استمرت ثلاث سنوات اعتقل براش في فبراير 2003 وأصدرت محاكم الاحتلال بحقه حكماً بالسجن المؤبد 3 مرات و30 سنة بتهمة قتل ثلاثة من جنود الاحتلال، وهو مقعد، نتيجة بتر ساقه من أسفل الركبة، ويتنقل على كرسي متحرك، إضافة إلى أنه يعاني من فقدان البصر بالعين اليمنى بشكل كامل وصعوبات في الرؤية بالعين اليسرى، وهو بحاجة إلى ترميم للشبكية وزراعة قرنية قررها الأطباء له لكن إدارة السجون ما زالت تماطل في إجرائها، وهو لذلك مهدد بفقدان النظر بشكل كامل.

مطالب

قدم الأسير براش في العام المنصرم التماساً للمحكمة الإسرائيلية المركزية تضمن العديد من المطالب العلاجية، والحياتية، تمثلت في تركيب طرف صناعي، كونه مبتور الساق اليسرى، وتركيب قرنية لعينه اليسرى، وتركيب سماعات في أذنيه بعد أن ضعف سمعه، ومطالب حياتية تمثلت في فرشة للنوم، وأدوات رياضية بسيطة، تتناسب مع وضعه الصحي الصعب.

وبعد جهود حثيثة من قبل محامي هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، وافق الاحتلال على تغطية 75% من قيمة الطرف، على أن يتكلف ذوو الأسير بدفع 25% تعادل حوالي 2500 دولار، وهو مبلغ كبير يصعب على عائلته تغطيته.

عائلة مناضلة

ينحدر الأسير محمد براش من عائلة مناضلة، حيث تعرض شقيقه الأكبر رمزي (42 عاماً) للاعتقال في ذات العام الذي اعتقل فيه، وبالتهمة ذاتها، وهو محكوم بالسجن المؤبد مدى الحياة، كما اعتقل أشقاؤه شادي وسعيد وأفرج عنهما بعد انتهاء محكومياتهم.

لم تكتف العائلة المناضلة بذلك فقد قدمت الابن الأصغر شهيداً مع بداية انتفاضة الأقصى في عام 2000، بعد إصابته برصاصة قاتلة خلال مواجهات مع قوات الاحتلال على مدخل مخيم الأمعري.

Email