حراك لبنان.. التغيير على صهوة التكنولوجيا

■ طلبة لبنانيون من أصحاب الهمم يشاركون في الحراك | إي.بي.إيه

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ بداية الحراك الشعبي في لبنان، في 17 أكتوبر الماضي، بدا معظم شباب لبنان وكأنّهم يعيشون على وقْع يوميّات الثورات.. يحلمون، يناصرون «ثوّاراً» في ساحات أخرى، يعتصمون، يناقشون الحراك بأبعاده ومضامينه، يرفعون هواتفهم الملتمعة في أمسيات الانتفاضة والاحتجاج، ويتفاعلون عبر الشبكات الاجتماعية.. شباب لا طائفيّون، يساريّون، علمانيّون، مدوّنون، وناشطون يعرفون أن عدوّهم ليس مجرد «زعيم ديكتاتوري»، بل أشدّ تعقيداً... نظام بكامله طائفي، أشبه بالوحش برؤوس كثيرة.

يقول علاء، طالب الدراسات العليا في الإعلام في إحدى الجامعات الخاصّة، مطمئناً: «نحن نقترب أكثر من معايير الثورات المعولمة التي تزحف على عالم القرن الـ21، ولا بدّ لثورتنا من أن تحمل سمات تاريخيّة وسط مشاهد الدومينو المتدحرج في ما لا يقلّ عن 15 دولة».

وعلاء واحد ممّن هم في كلّ مكان، في الشوارع والساحات، في المقاهي، في المكتبات، في أماكن العمل، يتابعون أحداث الساحات القريبة والبعيدة، مع إدراكهم العميق لصعوبة إسقاط مؤسّسات وتوازنات ومعادلات ومحاصصات وقوانين ووزراء ونواب وأحزاب بُنِيت على الانقسام وعمّقته، بـ«ضربة واحدة».. إلا أنّهم باتوا مسكونين بالأمل «إنّ الشعب قادر إنْ أراد»، كما تقول الإعلامية والناشطة الاجتماعية رولا، الباحثة دوماً عن مساحة بديلة في التدوين الإلكتروني للتعبير عن مشاعرها وأفكارها.

عمل متواصل

أن تكون جزءاً من المجتمع الإلكتروني، في خضمّ أجواء الحراك، بالنسبة لرولا، ليس أمراً سهلاً، ولا يتمّ فقط من خلال فتح حساب على موقع تواصل اجتماعي، بل هناك عمل متواصل يجب أن يقوم به الشخص المعني ليتميّز عن المتواجدين على الشبكة العنكبوتيّة، فيمتلك بذلك تأثيراً حقيقياً لا يتوقف عند إثبات الوجود في مواقع التواصل، بقدر ما يكمل ذلك نحو العالم الحقيقي، ذلك أن «المجتمع الافتراضي يسير بموازاة المجتمع الحقيقي اليوم»، حسب قولها لـ«البيان»، مع إشارتها إلى أن مواقع التواصل ليست مجرد أمكنة لتنزيل الصور والتحادث وتبادل التعليقات والأحداث، بل يمكن لها أن تفيد في مراكمة الوعي عند جيل شاب من المفترض أن يكون أقلّ إحباطاً.

إعلام سلِس

وفي خضمّ النقاشات التي تفتحها المدوّنات، يذهب البعض إلى اعتبار الإعلام الجديد مكمّلاً للإعلام التقليدي. بيد أن المدوّنة ديانا تنفي هذا الدور، معتبرةً أنّه «إعلام سلِس، منافس للإعلام التقليدي»، كونه يفتح مساحة مستقلّة لتدفق المعلومات «من غير انحياز إلى أيّة جهة سياسيّة». وتضيف: «المدوّنون يقدّمون رأياً محايداً في وسائل إعلامهم البديلة، ويكشفون للرأي العام عن المعلومات المُغيَّبة، ويفتحون جبهة جديدة في وجه القمْع، لأنّهم يتحدثون لغة الشارع». ومشيرةً إلى أنّ المدوّنات تخلق مساحة حرّة لتبادل المعلومات، ترجِع الشابّة العشرينيّة ذلك إلى غياب الرقابة المباشرة على التدوين، ما أتاح له قوّة المنافسة، حتى «باتت المحطات الفضائيّة تعتمد على المدوّنين لنشر الحقائق الغائبة»، وتميل إلى تسمية المدوّن «صحافي شعبي».

Email