السوق الدوائي.. إتاوات وتهريب ومعامل حوثية لتزوير الأدويـة الإيرانية

يمنية مع طفلها في أحد مستشفيات صنعاء ( أف ب) أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يشهد سوق الدواء في اليمن تزويراً لأدوية إيرانية منتهية، وتهريباً وتقليداً، وغلاء فاحشاً بسبب الإتاوات والجبايات والابتزاز، الذي تفرضه ميليشيا الحوثي.

كما يعاني مستوردو الدواء ووكالاته من تضاعف رسوم الجمارك، مروراً بإتاوات مكاتب الصحة الخاضعة للميليشيا في المحافظات الواقعة تحت سيطرتهم، وجبايات الوزارة الحوثية في صنعاء، ونهب المشرفين، الذين يتناوبون على نهب هذا القطاع المهم.

معامل لتزوير الأدوية الإيرانية

وأنشأت ميليشيا الحوثي الانقلابية معامل خاصة لتزوير الأدوية الإيرانية المنتهية والممنوعة، وهي المعامل التي تنتشر في العاصمة صنعاء، وتتركز مهامها بتوزيع أدوية إيرانية منتهية الصلاحية، ليتم عقب ذلك تخزين كميات كبيرة منها في مخازن داخل العاصمة، ومدينة ذمار وسط اليمن.

ويتم جلب تلك الأدوية بحراً إلى ميناء الحديدة ومنه إلى صنعاء، حيث تقوم الميليشيا الحوثية تحت إشراف قيادات نافذة بتغيير تواريخ صلاحيتها وتوزيعها على سوق الدواء بالمحافظات اليمنية على اعتبار أنها أدوية سليمة.

وأوضحت مصادر دوائية لـ«البيان» أن مجاميع طبية حوثية يشرف عليها المدعو طه المتوكل، ما يسمى وزير صحة الانقلابيين تقوم بتحديد أصناف من الدواء مرتفعة الأسعار، وإبلاغ شركات إيرانية بتصنيع كميات منها بمستوى جودة متدنٍ تستفيد العناصر الحوثية من فوارق أسعارها في السوق المحلية.

ومن خلال حوثنة مؤسسات الدولة منذ انقلابها في 2014م بما فيها القطاع الصحي، حاربت الميليشيا كبريات الشركات المستوردة للدواء المعتمدة؛ كوكلاء لشركات عالمية، وأرغمتها على وقف نشاطها لتقوم بالعمل بديلاً عنها، وكذا تأسيس شركات وهمية واستيراد أدوية من طهران رديئة المواصفات.

وذكرت ذات المصادر أن الحال وصل بمافيا الميليشيا الحوثية الدوائية إلى تزوير منتجات بمواصفات جودة عالمية معروفة، عبر مخاطبة معامل في الهند وإيران تستنسخ منتجات طبية ومستلزمات أطفال.

تهريب وتزوير

وتزايد نشاط عناصر يتبعون ميليشيا الحوثي في تهريب وتزوير العلامات التجارية للأدوية وبيعها في الأسواق المحلية بأسعار مضاعفة، إلى جانب ابتزاز مالكي الصيدليات ومخازن الأدوية لدفع الإتاوات المالية مقابل غض الطرف عن الأدوية المهربة والمزورة، التي تباع بأسعار تفوق أسعار الأدوية الآمنة.

فيما تشهد أسعار الأدوية ارتفاعاً غير مبرر في السوق المحلية كأدوية الأمراض المزمنة مثل أدوية القلب والسكر، والتي تجاوزت أسعارها 300% في العاصمة صنعاء، والمناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي.

أرباح خيالية

وقال مركز الدراسات والإعلام الصحي في دراسة له: إن 95% من الأدوية المهربة والمزورة المتداولة في السوق اليمنية هي أصناف خاصة بعلاج الأمراض المزمنة، وتستحوذ الأدوية المهربة والمزوّرة على 30% من معروض الدواء في السوق المحلية. وأوضحت الدراسة أن تهريب وتزوير الأدوية أصبح تجارة رائجة تحقق لأصحابها أرباحاً خيالية.

وهذا ما دفع الكثير من أصحاب رؤوس الأموال إلى تغيير نشاطهم التجاري السابق، والالتحاق بقطاع الأدوية والمستلزمات الطبية والمتاجرة بهذه السلع بطرق غير شرعية لإغراق السوق الدوائية المحلية بكميات هائلة من الأدوية المزورة والمهربة، في ظل تواطؤ ميليشيا الحوثي.

وجع مضاعف تخلقه ميليشيا الحوثي المتمردة المدعومة من إيران، للمواطنين في عموم مختلف المناطق والمحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرتها، بوضع يديها على الدواء، إلى جانب تضييقها الخناق على المأكل والمشرب والحريات.

أدوية مغشوشة

وغير تهريب الدواء الذي يشهد انتعاشاً واسعاً عبر السواحل الغربية والشرقية لليمن وعبر منافذ برية، من خلال تجار التجزئة «تجار الشنطة».

أغرقت الهيئة الحوثية الخاصة بالدواء السوق الدوائية بالمسكنات غير معروفة المصدر، والأدوية البديلة والمغشوشة في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، وذلك بتغاضيها عن فتح العديد من الوكالات التابعة لموالين لها، والتي تتاجر بإدخال أدوية رديئة وأقل جودة، تضر بالصحة والاقتصاد المحلي، فضلاً عن قيامها بابتزاز وكلاء وتجار الأدوية المعتمدين ما تسبب بإفلاس عديد منهم.

وتتهم مصادر عاملة في مجال الأدوية الهيئة الحوثية بالابتزاز عند تسجيل ومنح تصاريح الاستيراد والمرور، وكذا حين تسجيل الأصناف الدوائية والرقابة على الأسواق.

ويوضحون لـ«البيان» أنه "ورغماً عن قيام الهيئة الحوثية بتسجيل الصنف الدوائي لديها مقابل مبالغ مالية تصل إلى مئات الملايين، إلا أنها بعد توريد المنتج الدوائي تقوم بممارسة الابتزاز على الوكالة، وفي حال عدم الاستجابة تقوم الوزارة بمصادره الصنف من السوق، وبيعه في مناطق وصيدليات تابعة للميليشيا، ما يتسبب بإفلاس الوكالة.

الفساد

في إحصاء لنقابة ملاك الصيدليات؛ هناك 5 آلاف صيدلية رسمية من إجمالي 18 ألف صيدلية تعمل في اليمن، في حين يصل عدد الأدوية المسجلة في اليمن إلى 20 ألف صنف، بسبب التساهل في التسجيل، وعدم وجود معايير ضابطة، واستشراء الفساد، وإغراق السوق بمئات البدائل المماثلة لدواء واحد في السوق اليمنية، وفق ما يقول الصيادلة.

 

 

Email