سياسيون ومتظاهرون: قانون الانتخابات الجديد في العراق لا يخلو من الألغام

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ انطلاق التظاهرات الحاشدة في العراق، بداية أكتوبر الماضي، حمل المحتجون مطالب تتعلق بإجراء إصلاحات في الأمور المعيشية والخدمية، تطورت بفعل القمع إلى الدعوة لتغيير النظام السياسي بالكامل ورحيل الأحزاب الحالية، والمجيء بحكومة من التكنوقراط، وتغيير النظام الانتخابي، كونه يحتوي على بنود ترسخ سيطرة الكتل الكبيرة، المتهمة بالفساد والولاء لإيران، على المشهد السياسي.

ويرى مراقبون أن الرئاسة العراقية تفاعلت مع المطلب الأخير، وقدمت بعد وعود، مشروع قانون جديد للانتخابات، احتوى على بنود أساسية من بينها تشكيل مفوضية انتخابات مستقلة من القضاء وجهات متخصصة بعيدة عن المحاصصة الحزبية.

وكذلك اعتماد نظام الفائز الأعلى على صعيد الدائرة الانتخابية، وتقليل عدد أعضاء النواب من 329 إلى 213، كما يمنح القانون الشباب فرصة الترشح للانتخابات، عبر خفض السن إلى 25 سنة.

إلا أن «ساحة التحرير»، اعتبرت هذا القانون، على الرغم من احتوائه على فقرات إيجابية، لا يعالج المشكلة، لأنه لم يتضمن الإشراف الدولي، وكيفية حماية أعضاء مفوضية الانتخابات القضاة من الابتزاز والخطف وكل أنواع التهديد، من قبل أحزاب السلطة وميليشياتها، كما لم يستبعد الأحزاب من الانتخابات، وإنما أعطاها النصف في قوائم الترشيح، بحسب التسريبات عن مسودة القانون.

إلغاء سانت ليغو

وفي هذا السياق، عد النائب في البرلمان العراقي حسين الساري، اعتماد قانون «سانت لیغو» في الانتخابات السابقة، كان سبب كل ما يحصل من أزمات سیاسیة في البلاد، مبيناً أن دول العالم استغنت عنه منذ التسعينيات وإصلاح النظام في العراق يمكن إلغاؤه.

وقال الساري: إن الشرخ الحاصل ما بین مجلس النواب والشعب سببه صعود رؤساء كتل ونواب لا يمثلون الشعب جراء قانون سانت لیغو الجائر، الذي تسبب في تسلط أحزاب كبیرة شرعنت الفساد، مشيراً إلى أن دول العالم استغنت عنه منذ التسعينيات، بعد أن كرست النظم الديمقراطية الانتخابات عبر النظام الفردي متعدد الدوائر، وفوز من يحصلون على أعلى الأصوات.

وفي ساحة التحرير ببغداد، قال المتظاهر سعد عباس (27 عاماً)، إن «المقترح الذي يرمي إلى تقليص عدد أعضاء مجلس النواب 30% يجب أن يكون على مقاسات الشعب لا الكتل السياسية، التي ينبغي حلها».

وأضاف «خرجنا منذ اليوم الأول من أكتوبر وحتى الآن بهدف إبعاد الأحزاب الفاسدة، التي تتحكم بثروات البلد ومصالحه وعمليته السياسية، والمجيء بشخصيات وطنية مستقلة لا تنتمي إلا للعراق»، مؤكداً أن «أي شيء تقدمه حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي للشعب العراقي في هذه الأيام، مرفوض تماماً».

أما المتظاهرة ريم جعفر (29 عاماً)، التي تعمل مسعفة لدى المفارز الطبية بساحة التحرير، فقد أكدت المطالبة بأن تكون الانتخابات القادمة تحت إشراف أممي، معللة هذا المطلب بأن معظم القضاة والأكاديميين سيتم تخويفهم وإرهابهم من قبل بعض الجهات التي ستكون الخاسر الأكبر في الانتخابات القادمة.

وأضافت: إن من الضروري «إقرار قانون الأحزاب في الدورة البرلمانية الحالية، قبل إجراء أي انتخابات مع عدم السماح بمشاركة من أمضى أكثر من دورة برلمانية على مقاعد البرلمان».

البحث عن وطن

إلى ذلك، أشار رجل الدين ظافر البياتي (43 عاماً)، وهو يتولى مهمة تقديم الطعام للمتظاهرين إلى أن «تعديل قانون الانتخابات غير كاف بالنسبة للمتظاهرين، فهم يبحثون عن وطنهم قبل كل شيء».

وتابع بالقول «لنجعل البرلماني بلا راتب ولا تقاعد، ونبقيه على راتب الدائرة التي كان يعمل بها قبل أن يصعد إلى مجلس النواب، أو ما يوازيها بالنسبة للبرلماني غير الموظف»، مضيفاً «ببساطة النائب ترشح ليؤدي خدمة لوطنه ولم يُجبر على الترشح».

كما أكد المفكر السياسي غالب الشابندر أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لم يتخذ موقفاً جاداً تجاه الميليشيات الخارجة عن نطاق الدولة. وقال الشابندر في حديث متلفز، إن «إيران هي المسؤولة عن تشكيل الحكومة الحالية، وإن التظاهرات بعيدة عن الطائفية وخرجت ضد الحكومة والطبقة السياسية».

 

Email