ثأر الأمهات.. حجارة لا رصاص

ت + ت - الحجم الطبيعي

سعاد.. أم كردية كانت على موعد مع الألم في السابع عشر من أكتوبر الماضي، حين دخلت فصائل متوحشة إلى الأراضي السورية، لتنفذ عملية قتل مروعة، بحق السياسية الكردية هفرين خلف أمين عام حزب المستقبل السوري، حين تلقت الأم نبأ مقتل ابنتها توقف الزمن لدى هذه الأم، إلا أنها لم تترنّح أو تسقط، لأنها تدرك أن ابنتها ذهبت ضحية موقف ونضال.

شوهوا جسد ابنتي بالرصاص؛ هذه الكلمات التي لن تموت في الذاكرة الكردية في شمال شرق سوريا، وهي كلمات رددتها الأم سعاد، التي فقدت ابنتها هفرين، تردد هذه الكلمات بقلب مكلوم على ابنتها الفتية اليانعة. 

لم تنتظر الأم طويلاً لتثأر لابنتها المغدورة برصاص الفصائل المسلّحة الموالية لأنقرة، ففي أول فرصة لها حملت أدوات الثأر من القاتل، واتجهت إلى أرض المعركة، لكن هذه المعركة لا تكافؤ في ساحاتها، ذلك أن الحجارة في مواجهة العربات المصفحة، إلا أن والدة هفرين المجروحة أرادت الثأر بأية طريقة حتى ترتاح ونفسها مع رحيل ابنتها العزباء.

لحظة الرد

وقفت الأم سعاد منذ ساحات الصباح الأولى في أحد قرى مدينة المالكية الحدودية مع تركيا، بانتظار مرور الدورية المشتركة بين تركيا وروسيا، وكان الانتظار طويلاً في العراء على خط الدوريات، وبالفعل في الساعة العاشرة من صباح الخميس أزفت لحظة الرد على القاتل، لتحمل الأم سعاد وهي تلاحق دورية الاحتلال التركي وترشقها بالحجارة، هذا أقل ما يمكن لأم أن تفعله مع القاتل المدجج بالسلاح، فلا حيلة لديها ولا قوة إلا الحجارة. ولم تكتف الأم بحجر أو حجرتين، فقد استمرت برشق الدورية بالحجارة وهي تتمنى أن تلتحق بابنتها، وتردد كلمات أنتم قتلتم ابنتي، تهرول الأم المسنة وهي تردد أنتم قتلتم ابنتي، وتحاول إلحاق الأذى قدر الإمكان بالعربة التركية.. ثأر بحجارة قد يعيد للقلب راحته، لا أكثر من الحجارة، هذا سلاح سعاد والدة هفرين.

Email