مشاريع حيوية أعادت لها الروح والانتعاش

خير الإمارات.. منارات شاهدة في سماء جنين

مخيم جنين ويبدو في الوسط مسجد الشيخ زايد | البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

ستظل فلسطين وقضاياها العادلة حاضرة في عقول وقلوب وأفئدة الإماراتيين، قادةً وحكومةً وشعباً، ولن تتزعزع مكانتها ومنزلتها في نفوسهم الأصيلة والنبيلة، وستظل وهي التي تعاني أطول وأشرس احتلال عرفه التاريخ البشري، قضية الإمارات الأولى.

الحب الإماراتي السرمدي والأزلي لفلسطين يتجلى في شواهد كثيرة، وتسير الإمارات على هدي مؤسسها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، برسم الابتسامات على شفاه الفلسطينيين الظامئة، في تأكيد واضح لعمق وقداسة العلاقة الأخوية والوشائج الاستراتيجية التي تربط الإمارات بفلسطين.

شيء من هذا القبيل تجلّى بوضوح في مخيم جنين الذي ازدهى واختال وهو يُعاود الاتصال مع الحياة، بفعل العديد من المشاريع الحيوية التي أعادت له الروح والانتعاش، بعد أن دمرته قوات الاحتلال خلال اجتياحها له عام 2002، بعملياتها العسكرية التي أطلقت عليها «السور الواقي».

المشاريع الإماراتية لامست عزائم أهالي مخيم جنين الذين كانوا يبحثون عمّن يداوي جراحهم، وكم كان المشهد عظيماً ومذهلاً، عندما سارع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان -طيّب الله ثراه- لإعمار المخيم، مقدّماً الدعم الوافر والسخي، فكان من الطبيعي أن يجعل سيرته على كل لسان في المخيم حتى يومنا هذا.

لقد أعادت دولة الإمارات العربية بناء مخيم جنين، بعد أن سوّته دبابات الاحتلال بالأرض في موقف يقطر أصالة وشهامة، أضاف إلى قلوب الفلسطينيين رصيداً غنياً من الوفاء لأبناء الإمارات، وفي المقدمة الشيخ زايد الذي بات يُعرف فلسطينياً بـ«زايد فلسطين».

قادة الإمارات عندما عزفوا على وتر المبادرة لإعمار مدينة ومخيم جنين، فلأنهم كبار في مكارم في أخلاقهم وهممهم العالية، وهم أصحاب قامات سامقة ومديدة، كما أنهم يعلمون بأن وشائج وخصال الخير سيكون لها مفاعيلها وانعكاساتها، لتشمل كل الأشقاء العرب الذين بمجرد أن تقع عيونهم على ما تقدمه الإمارات فإنهم سيتأثّرون بها، وسوف يسارعون للاعتصام بهذه المكارم والفضائل، وممارستها قولاً وفعلاً وسلوكاً.

مآثر خالدة

ويرى مستشار الرئيس الفلسطيني للعلاقات الدولية نبيل شعث أن الموقف الإماراتي راسخ وداعم للقضية الفلسطينية على الدوام، وتجلّى هذا الموقف بممارسة عملية للمسؤولية الكبرى التي تحملتها الإمارات، في إعمار مخيم جنين، إذ كان لها دور إيجابي وريادي في هذا الإطار أعطى زخماً عربياً، بحيث سار على هدي أيادي الخير الإماراتية العديد من قادة الدول العربية.

وأضاف شعث لـ«البيان»: «لولا الدعم والإسناد الإماراتي، لضاع الأهالي في مخيم جنين وتشردوا في نكبة ثانية، فالعديد من العائلات فقدت منازلها، وغدت دون مأوى، غير أن يد الخير الإماراتية، كعادتها، التقت مع الموقف الشعبي في التصدي لكل محاولات الاقتلاع والتهجير ضد الفلسطينيين، فامتدت لهؤلاء، وفرضت معادلة واضحة في تثبيت الأهالي في أرضهم وتعزيز صمودهم».

ومضى شعث قائلاً: «المآثر الإماراتية الخالدة عمّت الوطن الفلسطيني، وتردد صداها في إعمار مخيم جنين بعد أن دمرته آلة الحرب الاحتلالية، وهذا موقف تاريخي، جعل الصغير والكبير في مدينة ومخيم جنين، يكنّون الاحترام والتقدير لهذه الدولة العروبية التي نقلت الأهالي في هذه المحافظة المستهدفة على الدوام، من الظلمات إلى النور، ومن الدمار إلى الإعمار».

مشاريع حيوية

يحفظ التاريخ عن ظهر قلب أن دولة الإمارات العربية تبوّأت قصب السبق في تلبية نداء الواجب والضمير الإنساني حيال الفلسطينيين على الدوام، ما يؤكد الالتحام الوثيق بين البلدين والشعبين الشقيقين، ومن نافلة القول إن الإمارات تصدّت بكل شموخ وزهو لإعمار مخيم جنين، ما أكسبها رصيداً غنياً من المحبة والتقدير في نفوس سكان المخيم، وسجلاً حافلاً بالمواقف الأصيلة، فلم يقتصر الدور الإماراتي على إعمار مخيم جنين فحسب، بل تعدّى ذلك إلى عديد المشاريع الحيوية.

لقد أعادت الإمارات بناء نحو 200 منزل دمّرها العدوان بشكل كامل، إضافة إلى ترميم 800 منزل تضررت وتصدّعت بفعل القصف والدمار، وإعادة بناء مدرسة للبنات، بعد أن سوّتها دبابات الاحتلال بالأرض، وتشييد مسجد حمل اسم الشيخ زايد على أنقاض مسجد المخيم الذي اختفت معالمه بفعل الدمار الذي لحق بوسط المخيم، علاوة على بناء مركز شبابي رياضي، وآخر نسوي، وثالث صحي.

تقول كفاح عمّوري، مديرة مركز زايد النسوي في مخيم جنين، لـ«البيان»: «هذا الصرح المهني الشامخ جعل اسم الشيخ زايد ودولة الإمارات على كل لسان، حتى الأجيال التي وُلدت بعد رحيل الشيخ زايد أصبحت تعرفه وتذكر خصاله الخيّرة، ومواقف الإمارات ستبقى خالدة وراسخة في قلوبنا وعقولنا».

ويعتبر مساعد محافظ جنين منصور السعدي أن الإمارات نفّذت مشاريعها في مخيم جنين بعمل صادق امتزج بالنخوة، فكانت رسالة إنسانية انعكست بنتائج هائلة، وكان الحرص على إعادة الانتعاش لجيل الشباب بمركز يعزز عنفوانهم، والغيرة على المرأة كي تكون عنصراً مؤثراً وفاعلاً، والانتصار للنواحي الصحية والتعليمية والتنموية بمراكزها المتخصصة.

ويوضح السعدي لـ«البيان»: «لقد اعتصم الإماراتيون بفضائل المكارم، فكانت فلسطين دوماً من ثوابت نهجهم وسلوكهم، ومن غير المستغرب أن تجود هذه المكارم على مخيم جنين، كي تردّ له الروح، بعد أن عاثت فيه قوات الاحتلال دماراً وخراباً».

الذهب الخالص لا يصدأ، وهكذا كان موقف إمارات الخير عندما تعلّق الأمر بإعادة ما دمره العدوان في مخيم جنين، فلم تتبدل القناعات بالانحياز الدائم لفلسطين وشعبها وقضاياها، ولم تتغير المواقف، بل ظلت راسخة وشامخة كالطود، ولم تغفل عن دورها وواجبها، فلم يكن المال الإماراتي مشروطاً، ولم يأتِ الإعمار للمجاملة وتطييب الخواطر، بل مضى بكل كبرياء وشموخ في وجهته الإنسانية ورسالته السامية والنبيلة.

Email