قصة

المرأة العراقية.. مشاركة متعددة الأوجه في التظاهرات

مريم العطار في التظاهرات | البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدت مساهمة المرأة في التظاهرات المتواصلة في العراق، الظاهرة الأكثر لفتاً للنظر، في هذه الحركة الاحتجاجية التي طغت على شوارع العاصمة وبعض المدن العراقية في الأيام الأخيرة.

وبدا حضور المرأة طاغياً في الصور ومقاطع الفيديو التي انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي عن هذه المظاهرات وأنشطتها المختلفة.

ويرى مراقبون سياسيون، أن مشاركة المرأة في الحراك الحالي، ليست ظاهرة جديدة، فمساهمة الحركة النسوية في الحراك السياسي والاجتماعي في العراق في العقدين الأخيرين، كانت تبرز في لحظات مفصلية، كما هو الحال مع المظاهرات النسوية الحاشدة في عقود سابقة.

ونقلت مواقع تواصل اجتماعي، عن «ريّا» التي تعمل في إيصال التجهیزات والمواد الطبیة والإمدادات للمتظاهرين، وتحرص على الحضور يومیاً إلى ساحة التحرير في قلب بغداد حیث يتجمع المحتجون، وكتبت تلخص تجربتها «أنا في ساحة التحرير، ليس بوصفي متظاهرة، بل كأم، أخاف كثيراً على الشباب هنا، وأتمنى أن لا يهدر دم أكثر».

وتضيف «كان حضور النساء في الأيام الأولى قليلاً، ثم بدأ يتزايد، بتّ أرى نساء من كل الأجيال ومن مختلف الشرائح الاجتماعية، بتّ أرى الجدات اللواتي يجهزن الخبز والسيّاح (الخبز المصنوع من طحین الأرز) وبائعات الشاي إلى جانب الشابات العصريات».

رأيت المرأة البغدادية في ساحة التظاهر بصورتها الفلكلورية التي لم أرها منذ زمن طويل، تلك الخاتون التي ترتدي العباءة والشیلة و«الجلباب» في جانبها، تقف تدعو ربها وهي ترتدي محبس شذر في يدها، وتردد «الله ينصركم الله يحفظكم ويبعد الشر عنكم».

رأيت أمهات بعمري قدمن مع أبنائهن، ورأيت صبايا وشابات وهن يهتفن بصوت عال بكل طموح الشباب وجموحه، الذي أشعر أننا فقدناه مع أشياء كثیرة فقدناها، لقد كنا (كجیل) نتعثر دائماً بخيبات كثیرة، لكن هؤلاء الشابات والشباب أقوياء أكثر منا، وما زالوا بعنفوانهم وأتمنى أن لا يمروا بما مررنا به، ولم أتمكن من حبس دموعي في كثير من الحالات الإنسانية ومواقف التضامن التي شهدتها هناك، وهي كثیرة لا أستطيع اختصارها.

وتؤكد «هذه أول مظاهرة أخرج فیها، وهي مظاهرة ليست فیها أجندة سياسية أو رموز دينية. لم أشارك في المظاهرة التي خرجت في بداية أكتوبر، لأنني لم أكن أعرف بها، لكنني حرصت على المشاركة في المظاهرات بدءاً من يوم 25 من الشهر نفسه».

وتفاعلت مواقع التواصل الاجتماعي وأجهزة الإعلام المحلية مع المشاركة الفاعلة للشاعرة والمترجمة مريم العطار، التي نزلت متظاهرةً في محافظة ميسان بجنوب العراق، وعلى رغم خطورة الوضع هناك، إلا أنَّها لا تزال تتظاهر وتدعو النساء والرجال على حد سواء إلى ذلك.

تقول العطار:«المكان الذي أعيش فيه هو مجتمع محافظ، وتحكمه العشائر، وتقليدي، والقانون ضعيف هنا، فالسلطة للقبيلة ومن ثم بعد ذلك يأتي القضاء، لكن ما حدث في الأول من هذا الشهر كان تغييراً جذرياً، ما رأيناه على الأرض حين انتفض الشباب لم نستوعبه في بادئ الأمر، إذ إنَّ ما حدث كان سابقاً هو عبارة عن كتابات يكتبها الشعراء والمثقفون، لكنها حدثت بالفعل».

وتضيف قررت المشاركة في التظاهرات من دون استشارة أحد، على رغم أنَّ وضع المرأة هنا لا يسمح بذلك، ووقفت بين المتظاهرين الذين كان يُروَّج أنهم تابعون للتيار الصدري، لكنني لم أهتم لذلك، ورفعت لافتةً كتبتُ عليها: أريد حقي. وعندما انتشرت صورتي وأنا أرفع اللافتة وردتني رسائل كثيرة من فتيات يردن المشاركة في التظاهرات، لكنَّهن متخوفات.

، وكانت أسئلتهنَّ: هل يمكن أن نشارك من دون إظهار وجوهنا؟ وهل يمكن ذلك من دون أن نُحسب على تيار سياسي معين؟ وهل نستطيع التعبير عن آرائنا بلا تدخل أحد؟ وكنت بكل وضوح أقول لكلِّ واحدةٍ منهن: نعم يمكن ذلك، يمكن أن تطالبي بحقك، وتطالبي بالخدمات من دون خوف.

Email