تقارير «البيان»

روسيا..مفاتيح الحل وعقد التعطيل

ت + ت - الحجم الطبيعي

يواصل ممثلو كل من الحكومة السورية ومعارضيها لقاءاتهم في جنيف، وتأمل موسكو بشدة أن تفضي هذه اللقاءات إلى إحداث اختراق في جدار لتسوية سياسية للنزاع، بينما تبدو دمشق، المحصنة بدعم قوي منها، انها تتفاوض من موقع قوة، وسط غياب مؤشرات تدلل على أنها في وارد تقديم أي تنازلات، بحسب مراقبين روس.

وبدا واضحاً اهتمام موسكو بجولات جنيف منذ يومها الأول، عبر إيفادها لوفد كبير من دبلوماسييها عقدوا فيها لقاءات مكثفة ومنفصلة مع وفدي الحكومة والمعارضة، وكذلك مع المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون.

مفتاح الحل

فبعد أن تمكنت من تكريس حضور فاعل في الميدانين السياسي والعسكري في سوريا، أصبحت روسيا تشكل «مفتاح الحل»، حتى من وجه نظر المعارضة السورية، التي وجدت نفسها أمام المعطيات الجديدة مضطرة للتفاوض حول ملف الدستور، بعد فشلها في تحقيق أي إنجاز سياسي أو عسكري وازن.

كما يقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط دميتري كيم، الذي أوضح لـ«البيان» أن الحل السياسي بات الخيار الوحيد المتاح حالياً بعد سنوات النزاع الدامية والمدمرة التي أوقعت أكثر من 370 ألف قتيل، وخطوة استراتيجية نحو حل النزاع في سوريا بشكل سلمي يؤسس لرسم مستقبل هذا البلد العربي ما بعد الحرب.

الخبير الروسي أعرب عن قناعته بأن الفرقاء السوريين باتوا على قناعة بأن الحل العسكري للأزمة لن يؤدي إلى نتائج، سوى الدمار وسقوط الضحايا، لافتاً إلى أن مباحثات جنيف بخصوص اللجنة الدستورية يمكن أن تشكل أول خطوة لوضع الأزمة السورية على سكة الحل السياسي.

دستور متوازن

وكان الطريق إلى جنيف بدأ من سوتشي، التي احتضنت في 28 يناير 2018 الحوار السوري- السوري، ومنها جرى الإعلان عن تأسيس اللجنة الدستورية، إذ اعتبر الخبير في الشؤون العربية أندريه أونتيكوف أن ما يميز اللجنة الدستورية أنها تمثل جميع الأطراف السورية، من ممثلي الحكومة ومعارضيهاـ إضافة إلى ممثلي منظمات المجتمع المدني.

مشيراً في حديث لـ«البيان» إلى أن موسكو تريد أن يخرج إلى النور دستور سوري، يضمن مشاركة جميع فئات المجتمع في إدارة الدولة، وتثبت سوريا كدولة مستقلة وموحدة وقوية، تراعي حقوق الأقليات.

عقدة التعطيل

لكن أونتيكوف يوضح أن سباق روسيا مع الزمن لإنهاء الأزمة السورية، ورغم الخطوات التي أنجزت، تعاكسه حركات الإرباك المتكررة التي تقودها تركيا في سوريا، تحت مسمى عملية «نبع السلام».

ويتابع أن «العملية العسكرية التركية، وإن كانت ذريعتها تحرير مناطق شرق الفرات من التشكيلات الكردية، إلا أنها في المحصلة ستؤدي تلقائياً إلى احتلال نحو 30 كيلومتراً من الأراضي السورية».

ومن هنا «ستكون موسكو أمام خيارين: تأمين أرضية لحوار تركي ـ سوري رسمي، وهو أمر مستبعد في الظروف الراهنة، أو حوار سوري- كردي، يفضي في حال نجاحه إلى إحراج الجانب التركي، والذي ستعمل موسكو على الضغط عليه، دون أن يؤدي ذلك لإفشال «صيغة أستانة».

 

Email