أحمد.. الموت في مكان لقمة العيش

Ⅶ خان يونس خلال تشييعها أحمد الشحري | البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

سقيت أرض مدينة خان يونس بدماء الشاب أحمد الشحري، الذي ارتقى شهيداً خلال القصف الإسرائيلي لمنطقة زراعية غرب المدينة خلال ليلة دامية من القصف على قطاع غزة، بعد إطلاق عدة صواريخ من القطاع باتجاه مستوطنات الغلاف.

واختلطت دماء أحمد بأرض بلاده وعرق جبينه، تاركاً الدنيا شهيداً، ليلتحق بشقيقه الشهيد الذي ارتقى قبل عام ونصف تقريباً خلال مشاركته في مسيرة العودة شرق خانيونس.

هو القدر الذي كتب لأحمد بأن يرتقي من المكان الذي يعمل فيه ليحصل على رزقه وقوت يومه وأسرته شهيداً، بعدما اختار لنفسه طريق المبيت في نفس مكان العمل، ولم يكن يعلم أن القدر ينسج خيوطه ويقترب منه لحظة فلحظة، بعدما غرق في النوم.

يعمل أحمد في جني المحاصيل الزراعية في أرض تعود للفلسطيني أيمن عابدين غرب خانيونس منذ عدة أيام، حتى أصبح صديق الأسرة، ويقضي أغلب أوقاته معهم، إلى أن تركهم ورحل شهيداً.

انتهى أحمد من عمله داخل المزرعة، وقرر مغادرة المكان إلى بيته للاستراحة والنوم في ساعات المساء، من أجل استعادة قوته وصحته للبدء في العمل من جديد في اليوم التالي، لكنه استجاب لاقتراح صديقه نجل صاحب المزرعة، باختصار الوقت، وتوفير أجرة الطريق بالمبيت في منزل لهم بجانب الأرض الزراعية، ليصحو على عمله مباشرة من دون عناء التنقل والمواصلات من بيته إلى مكان العمل.

فكانت موافقة أحمد سريعة على هذا المقترح، وسهر ليلته مع صديقه في غرفة واحدة، ولم يكن يعلم أن القطاع يتعرض لضربات قوية من طائرات الاحتلال بعد إطلاق صواريخ من قطاع غزة باتجاه مستوطنات الغلاف، فاقترب من لحظاته الأخيرة في آخر ضربات القصف الإسرائيلي على القطاع.

صاحب المزرعة أيمن عابدين، قال إنه سمع صوت انفجار قرب منزله الذي يبعد عن المكان الذي ينام فيه نجله وصديقه مئات الأمتار، وعندما نظر إلى أرضه، شاهد الغبار الكثيف يخرج من المنزل الصغير والمزرعة، وكأنما لم يكن من قبل هناك بيت أو مزرعة.

هب للبحث عن ابنه وصديقه، ومن هول المشهد الذي خلفه القصف الإسرائيلي بمسح المنزل بالكامل، وإحداث حفرة بعمق 10 أمتار، أصيب عابدين بغيبوبة استغرقت ساعات بعد وصول سيارات الإسعاف، وهنا تم نقل أحمد الشحري وصاحب المزرعة ونجله إلى المستشفى معاً.

لم يتوقع عابدين أن ينجو أحد من القصف من شدة الدمار في المنزل والمزرعة، فخلال رحلة البحث عن المصابين بين الركام، توصل المسعفون إلى الشهيد الشحري من خلال صوت الشهيق والزفير بصوت عال، استدل عليه حينها المسعفون ونقلوه إلى المستشفى مصاباً بجراح خطيرة، إلى أن تم إعلان استشهاده، فيما عثر على نجل صاحب المزرعة على بعد عشرات الأمتار من مكان القصف

.ويقول صاحب المزرعة: «الاحتلال دمر حياتي واستهدف المنزل الصغير وأرضي الزراعية، والشهيد كان يعمل في جني المحصول بأجرة قليلة على كل ساعة عمل تصل إلى دولار واحد ونص الدولار».

ويضيف عابدين خلال حديثه لـ«البيان»: «من هذه الأرض الزراعية أعيل أبنائي الجامعيين من محاصيلها الزراعية، وأعيل ابنتي المريضة أيضاً كذلك من أرباحي منها، فماذا سأفعل الآن بعد تدمير كامل المحصول؟ حتى الحمامات الزراعية أدفع أجرتها السنوية لأبناء شقيقي الشهيد».

Email