غزة ..الجدادة مهنة يزاولها مسنّ غزاوي رغم مشقتها

خلال قطف الزيتون | البيان

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ سنوات طويلة، يمارس ميزر الجمال (أبو أكرم) حرفته التي أحبها في موسم قطف الزيتون، وهي تجهيز «الجدادة» لقطف المحصول، وسميت بهذا الاسم الشعبي، لأنها تستخدم في «جداد (قطف) الزيتون»، كما يطلق عليها عدة مسميات أخرى «كالطوّالة والشاروط».

ورغم كبر سنه الذي تجاوز الـ70 عاماً، إلا أن (أبو أكرم) يقوم برحلة إلى الحقول والبيارات المحيطة بمكان سكناه شرق غزة لجمع العديد من الجدادات، واصفاً هذه المهنة: «أجد نفسي في جمع الجدادات وأشعر أن عملي بها ممتع ولا أستطيع الانقطاع عن جمعها في موسم قطف الزيتون».

يشير أبو أكرم وهو يمسك بالجدادة، إلى أنه وعلى الرغم من التطور الحاصل مع مرور الزمن في قطف الزيتون وإدخال بعض المعدات الحديثة، إلا أن المزارع لا يستغني عن الجدادة، ويعتبر أن كل هذه الحداثة التي مرت حسب وصفه، تصلح للشجر الصغير والمتوسط، أما الشجر الكبير والمعمر فهو بحاجة للجدادة.

أبو أكرم والذي يعمل حارساً في إحدى المزارع في بلدة بيت لاهيا، يقول لـ «البيان»: أقوم بصناعة أكثر من 400 جدادة في كل عام في موسم الزيتون، وأقوم بجمع العصي وقطعها في شهر يوليو بحيث يبدأ طولها من متر واحد إلى أربعة أمتار.

أولى الخطوات

ويتابع القول: إن أولى الخطوات في صناعة الجدادة، هو اختيار العصا اللائقة والقوية، وبعد قطعها عن الشجرة، أقوم بوضعها على النار وذلك لتحميصها، وبعد ذلك نقوم بتقليبها على النار حتى تلامس النار من جميع أطرافها وأجزائها، وذلك من أجل تعديلها، لأن النار تعمل على ليونتها.

ويوضح الجمال أن عملية الجمع تأتي بعد نظرته إلى الشجرة، وهو بذلك يعرف إن كانت تصلح أو لا، ولكنه يفضل أن تكون عصا الجدادة من شجر الزيتون والرمان، وذلك لعدم توفر شجر البلوط والذي يعد أفضل الأنواع لصناعة الجدادة.

ويوضح الجمال: «يجب العمل على تعديل العصا وتقشيرها مباشرة بعد وضعها على النار الهادئة، مؤكداً أن الإبطاء في هذه العملية يؤدي إلى تيبسها، وبهذا تصعب استقامة العود».

أما عن مخاطر هذه المهنة، فيقول: «لدي عربة كارو أركبها في شهر يوليو في الجو الحار وأتجول بين البيارات وفي الطين والأشواك، وأمضي أكثر من ست ساعات بشكل يومي في النهار وتحت أشعة الشمس الحارقة، وفي الكثير من الأحيان أقطع تسعة كيلومترات، المهنة شاقة والطرق صعبة جداً، وكثيراً ما أتعرض لمضايقات من جنود الاحتلال الإسرائيلي على الطريق الحدودي».

ويضيف أبو أكرم: منذ صغري كنت أرافق والدي وهو يقوم بقطع العصي وتجهيزها لموسم الزيتون، وكنت أتبعه في كل خطوة، من بداية قطع العصي حتى إعدادها وتحويلها إلى جدادات، أعجبني عمله فورثته عنه، ويواصل أبو أكرم عملية جد الزيتون بالجدادة وصوته يصدح بالأهازيج الفلسطينية القديمة.

عنوان إتقان

ويقوم أبو أكرم ببيع هذه الجدادات التي يصنعها وتعود عليه بالمال القليل ولا يقتصر بيعها على محيطه السكني، بل يمتد إلى المناطق المحيطة حتى أصبح عنواناً لإتقان الجدادة وأصبح لديه العديد من الزبائن.

وتتعدد طرق قطف ثمار الزيتون في غزة، فهناك طريقة القطف اليدوي التي تعد أفضلها، وطريقة القطف بالعصي التي تعد أسوأها، وطريقة القطف بالأمشاط اليدوية.

ويعتبر قطاف الزيتون بالجدادة، عادة غير مستحبة للعديد من المزارعين، لما تنطوي عليه من آثار سلبية على الشجر والثمار من حيث تكسير الأغصان غالباً وسقوط الأوراق أو تشويه حب الزيتون، ومن إيجابياتها الوصول لجميع أغصان الشجرة.

 

 

 

10

يبدأ موسم قطف الزيتون للعصير في فلسطين، اعتباراً من بداية شهر 10 (أكتوبر) من كل عام.

وتقوم وزارة الزراعة في بداية كل موسم، بتحديد مواعيد قطف الزيتون للكبيس وللعصير لكل منطقة، وتحديد مواعيد تشغيل المعاصر، حسب كمية المحصول، وموعد الإزهار، والظروف الجوية التي سادت أثناء نمو المحصول، وكمية الأمطار في الموسم السابق.

وبصورة عامة، يحدد منتصف شهر أكتوبر، موعدًا لبدء القطف في المناطق الساحلية وشبه الساحلية والدافئة، وبداية نوفمبر في المناطق الجبلية لأصناف: النبالي والسوري، أما الصنف النبالي المحسن، فيتم تأخير قطفه إلى نهاية نوفمبر.

إلا أن التزام المزارعين وأصحاب المعاصر بالمواعيد التي تحددها وزارة الزراعة غير كامل، حيث يبدأ المزارعون قطف الثمار مبكراً، من أجل الانتهاء منه قبل موسم الأمطار.

هناك بعض المجالس القروية والبلدية التي تقوم بتحديد مواعيد قطف الزيتون في مناطقها، بناء على ما تحدده وزارة الزراعة، وتمارس الرقابة على المزارعين، وتعاقب المخالفين منهم.

ويعتبر موسم قطف الزيتون في فلسطين عيداً يشارك فيه جميع أفراد الأسرة، حيث تقوم أحياناً وزارة التربية والتعليم والجامعات، بإعطاء الطلاب إجازات خاصة لمشاركة أهاليهم في القطف، وذلك من أجل إنهاء موسم القطف بوقت مبكر، وتقليل تكلفة الإنتاج، إذ إنه كلما استثمرت أيام عمل غير مدفوعة الأجر في قطف الزيتون، قلّت كلفة الإنتاج.

Email