شجرة الزيتون في فلسطين لا تشكل مصدر دخل ومعيشة من ثمارها وزيتها فحسب، بل تحمل جميع أشكال الفائدة للمزارع الفلسطيني، فبمجرد قطف المزارع ثمار الشجرة المباركة في كل موسم وينقلها إلى المعاصر الحديثة يقف المزارع بانتظار فوهة الزيت التي يأخد منها نصيبه ورزقه من كل عام، وما أن ينتهي المزارع من أخذ حصته من عصر الزيتون يتوجه ليأخذ حصته من «الجفت» أو تفل الزيتون المتبقي من مخلفات عصر ثمار الزيتون.
وبعد ذلك يتم تحويله إلى حطب للتدفئة على شكل قوالب، في ابتكار يسهم في الحفاظ على البيئة ويوفر فرص عمل للشباب الفلسطينيين، ويسهم هذا العمل في الحفاظ على البيئة الفلسطينية في المقام الأول، برأي صاحبه، بحيث يقلل من نسبة قطع الأشجار من الطبيعة إلى أكثر من 40% إذا تم اللجوء إلى الجفت عوضاً عن الأشجار.
يقول الشاب ياسر حوسو (30 عاماً) بمجرد أن نأخد نصيبنا من الجفت من المعصرة في أكياس نبدأ بتجفيفها إما باستخدام قوالب خشبية أو إما نشرها على قطعة قماش، ويتابع ياسر لطالما استخدمنا الجفت في خبز الطابون، حيث كانت نساء الحي تقوم بلف أطراف الطابون بالجفت لأنه يزيد من درجة الحرارة، وكنا نخلطه بروث الحيوانات وننشره في الأرض ونستخدمه كسماد للأشجار.
ويضيف ياسر لـ«البيان»: بمجرد بدء موسم عصر الزيتون ينهال عدد كبير من المواطنين إلى المعاصر لشراء وتخزين ما يعرف بـ«جفت الزيتون»، والاستفادة منه، بديلاً للوقود لأصحاب مزارع الدواجن ومصانع التدفئة.
طريقة تصنيعه
يقول ياسر: يتم فرده على مساحات واسعة حتى يجف، ومن ثم يستخدم كتراب جاف على النار مباشرة، أو يُضغط في مكابس حديدية ثم تعجن داخل خلاطات وتضغط بكابس، لاستخدامه كحطب جاف في الطبخ والتدفئة.
استعمالاته:
يوضح حوسو إلى أن عدداً كبيراً من السكان في القطاع يلجؤون لاقتناء «جفت الزيتون»، لاسيما في ظل تفاقم الأوضاع الاقتصادية المتردية في قطاع غزة منذ ما يزيد على 13 عاماً، للتدفئة وإشعال النار للطبخ والخبز، في الوقت الذي وصلت فيه نسبة الفقر والبطالة في قطاع غزة إلى أعلى مستوياتها.
وأكثر من يقومون بشرائه هم أصحاب مزارع الدواجن، لأنهم يستخدمونه كوقود في تدفئة المزارع.
ويضيف أحد أصحاب المعاصر في قطاع غزة سمير المدهون أن أسعار «جفت الزيتون» متدنية الثمن وفي متناول الجميع، مبيناً أن ثمنه البخس هو ما يدفع المواطنين وأصحاب المزارع للإقبال عليه.
وأوضح المدهون، أن 10 أطنان من «جفت الزيتون» يبلغ سعره ما يقارب 300 شيكل ما يقارب (80 دولاراً أمريكياً).
وقود لفرن الطين
المسنة فريزة عابد من بلدة بيت لاهيا، تقول إنها تقوم في كل موسم بشراء «الجفت» من المعاصر واستخدامه وقوداً في فرن الطابون للخبز وطهي الطعام، مؤكدة أن أسعاره المناسبة هو ما يدفعها لشرائه.
وتوّضح عابد أن الجفت يتميز بعدم تلويثه للهواء وسهولة استخدامه كوقود للفرن، مشيرة إلى أنها تستخدمه في أيام الشتاء لتدفئة منزلها بعد تحويله لأشكال دائرية.
وتستذكر عابد أنها كانت وجاراتها يذهبن إلى معاصر الزيتون بعد انتهاء موسم القطاف لجمع هذه المادة الناتجة عن المحصول للاستفادة منها طيلة العام.
مصدر دخل
أما الشاب وحيد رجب فهو ينتظر هذا الموسم مع شقيقه ليبيع «جفت الزيتون» وبهمة ونشاط، يتناوب الأخوة الأشقاء وحيد وصلاح، على تعبئة عربة «الجفت» التي اشتروها من المعصرة في عشرات الأكياس، استعداداً لعرضها للبيع، خاصة مع إقبال المواطنين عليه في هذا الموسم.
وينهمك الشابان في تعبئة مئات الأكياس من «الجفت» علّهم ينتزعون لقمة خبز لأسرهم وعائلاتهم، بعد أن يبيعوا هذه الكميات لأشخاص يمتلكون أفران الطابون ومزارع دواجن.
