تقارير «البيان»

تركيا.. تاريخ من الأطماع في سوريا

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الذهنية التركية القديمة، تعتبر كل المناطق الحدودية هي مناطق نفوذ تركي تاريخية وبالتالي لا بد من إخضاعها تحت السيطرة التركية العسكرية، وبالفعل تمكنت هذه الذهنية من تنفيذ المخطط باحتلال معظم مناطق الشمال السوري.

إن محاولة الغزو التركي لسوريا ليست جديدة أو أنها مرتبطة بما يجري على الساحة السورية، بحجة كما يقال بحماية الأمن القومي، إلا أنها مسألة متأصلة في تركيا منذ القدم، والهدف منها المزيد من التوسع نحو العالم العربي، كان يغطيها أحمد داوود أوغلو بالعامل السياسي والحديث عن العمق الاستراتيجي التركي، إلا أنها الآن تحمل شكلاً عسكرياً واضحاً.

أول محاولة للتدخل في سوريا كانت في العام 1998، حين حشد الجيش التركي قواته على الحدود السورية، بحجة إيواء دمشق قائد حزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان، حينها قال الرئيس التركي سليمان ديميريل إن الجيش التركي سيصل خلال ساعات إلى دمشق.

مع بداية الأزمة السورية في العام 2011، بدأت تركيا بوضع خطط التوسع في الشمال السوري إلى أن جاءت اللحظة المناسبة في أغسطس العام 2016 لتبدأ عملية ما يسمى درع الفرات في غربي الفرات ضد تنظيم داعش وتسيطر على مساحة واسعة من الشمال السوري تقدر مساحتها ‏3900 كم² واستمرت عملية التمدد التركي لتصل إلى إدلب، خصوصاً بعد تسليم مدينة حلب نهاية العام 2016 إلى روسيا والميليشيات الإيرانية مقابل التوسع في بناء التحصينات في ريفي إدلب وحماة والتي مازالت تحت السيطرة التركية.

ومن خلال مشاورات أستانة التي صنعتها تركيا وروسيا وإيران، بدأت الهندسة التركية لتوسيع الاحتلال وتقاسم المناطق بين روسيا وإيران.. واستمرت مشاورات أستانة بين هذه الأطراف إلى العام 2018، إذ لم تتوقف الطموحات التركية عند هذا الحد ففي الشهر الثاني من العام 2018 شنت عملية عسكرية جديدة على وحدات حماية الشعب الكردية وتمت بمساندة الفصائل السورية المدعومة من أنقرة، وعلى مدار شهرين بسطت هذه الفصائل سيطرتها على عفرين وسط حملات من التهجير والتغيير الديموغرافي للمدينة.

وفي كل مرة تتذرع تركيا باتفاقية أضنة، إذ بحسب الفهم التركي لهذه الاتفاقية؛ تشن عمليات عسكرية داخل حدود سوريا، بحجة مواجهة التنظيمات المسلحة، إلا أن هذا يعني إطلاق يد الجيش التركي في كل المناطق الشمالية.

وفي كل مرة تنوي تركيا التوغل داخل الأراضي السورية، تجد جماعات متطرفة مؤيدة لها على المستوى السياسي والعسكري، سياسياً طالما تبادر جماعة الإخوان السورية إلى مباركة الاحتلال التركي، أما على المستوى العسكري فكانت فصائل ما يسمى درع الفرات هي الدرع للجيش التركي حيث تكون في مقدمة التوغل، وقد حدث ذلك في كل مراحل التدخل التركي إلى العملية الأخيرة في شمال شرق سوريا.

Email