تقارير البيان

طريق السلام يُعبّد تدريجياً في اليمن

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم حرص المجتمع الدولي على التحرك بهدوء وحذر استناداً إلى التجربة المريرة مع ميليشيا الحوثي التي تتعمد الالتفاف على أي اتفاقات تبرم معها، فإن المعطيات على الأرض تشير إلى أن هذه الجماعة باتت تدرك أن اليمنيين لن يقبلوا بأي نظام طائفي أو امتداد للنموذج الإيراني، وأنه لن يكون بمقدور هذه الجماعة الاستمرار في القتال بعد أن خسرت أهم المواقع وأبرز القيادات، وهو الأمر الذي جعلها تعرض جملة من المبادرات لإثبات حسن نواياها ومصداقيتها بالعودة إلى مسار السلام.

خسائر

ولأن الميليشيا تعمدت إيقاف مسار التسوية منذ إفشال محادثات السلام في الكويت، فإن الخسائر التي تكبدتها في مختلف الجبهات وعلى الصعيد السياسي، فإنها أدركت متأخرة الرسائل التي وجهها التحالف قبل معركة الحديدة، والتي أكدت على ضرورة مغادرة الميناء والمدينة والعودة إلى مسار التسوية لاستئناف نقاش الحل الشامل، واليوم إذا صدقت الميليشيا في طرحها عن الاستعداد لاستكمال تنفيذ ما تبقى من اتفاق السويد بشأن الانسحاب الكامل من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى، وتحريك ملف الأسرى والمختطفين وفتح المعابر إلى مدينة تعز فإنها ستفتح الباب الذي أوصدته أمام اليمنيين.

السلام

وإذا كان خيار التحالف والشرعية هو السلام المرتكز على المرجعيات الثلاث المتمثلة بقرارات مجلس الأمن والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، فقد ذهب الجميع ودعم كل جولات الحوار التي رعتها الأمم المتحدة وقدمت التنازلات في سبيل تحقيق تلك الغاية وتجنيب اليمن المزيد من الدمار والآثار الكارثية المرتبة على الحرب، إلا أن الميليشيا التي لا تمتلك قرارها كانت تتعمد عرقلة أي حوار وخلق العراقيل أمام أي اتفاق أو الانقلاب عليه، كما حدث مع اتفاق ظهران في النصف الثاني من العام 2016 بشأن وقف إطلاق النار والذهاب نحو الحل السياسي.

وبما أن الأزمة الإنسانية قد بلغت ذروتها اليوم وبات اكثر من 24 مليون يمني يعيشون على المساعدات، وتقارير الأمم المتحدة، تبين أن بقاء القتال ثلاث سنوات إضافية سيجعل اليمن أفقر بلدان العالم، ولأن متطلبات الانتقال إلى مرحلة الحوار الشامل مرتبطة بالتزام الميليشيا بالمرجعيات والاتفاقات التي أبرمت في العاصمة السويدية، فإن جديتها في تنفيذ تلك الاتفاقات بدون مراوغة أو التفاف سيفتح الباب أمام حل شامل يعيد الأمن والاستقرار لهذا البلد.

وللانتقال إلى هذه الخطوة التي يأمل المجتمع الدولي أن تتم قبل نهاية العام الحالي فإن التحقق من خروج عناصر الميليشيا من موانئ الحديدة الثلاثة وفتح المعابر وإطلاق سراح المعتقلين والمختطفين ورفع الحصار المفروض على سكان تعز من شأنه أن يرفع سقف التطلعات ويعيد لليمنيين الثقة والأمل بعودة السلام والاستقرار.

Email