واشنطن تتوقع عواقب وخيمة.. و«قسد» تخوض معارك عنيفة

بوتين يحذر من إعادة العدوان التركي الحياة إلى «داعش»

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكمل العدوان التركي على شمالي سوريا يومه الثالث أمس وسط مواجهات عنيفة مع قوات سوريا الديمقراطية التي تمكنت من إدماء القوات الغازية، وكبدتها خسائر في المعدات والأرواح، وفيما حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من أن العملية شمال شرقي سوريا ستضخ الحياة في شرايين تنظيم «داعش» الإرهابي في المنطقة، حذرت وزارة الدفاع الأمريكية من عواقب وخيمة للهجوم.

وخاضت قوات سوريا الديمقراطية اشتباكات عنيفة ضد القوات التركية، في محاولة لصدّ الهجوم. وكلّف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دبلوماسيّين أميركيّين ليلاً التوسّط في «وقف لإطلاق النار» بين أنقرة والأكراد بعدما باشر سحب قوات أمريكية الاثنين من نقاط حدودية في شمال سوريا بمثابة ضوء أخضر لتركيا لبدء هجومها.

وقال مصدر في قوات سوريا الديمقراطية من داخل بلدة رأس العين الحدودية: «تحاول القوات التركية الهجوم من محاور عدّة لكسر خطوط دفاعنا لكن قواتنا تتصدى لها».

وشاهد مراسل لفرانس برس مجموعات من فصائل سورية موالية لأنقرة تدخل إلى أطراف رأس العين من الجهة التركية. وقال إن سحباً من الدخان تصاعدت من البلدة بينما يمكن سماع أصوات رشقات وقصف مدفعي تزامناً مع تحليق الطيران. وأفاد مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن عن اشتباكات عنيفة بين الطرفين «تتركز على جبهات عدّة في الشريط الحدودي الممتد من رأس العين (الحسكة) حتى تل أبيض (الرقة)»، تزامناً مع قصف مدفعي كثيف وغارات تركية متفرقة.

وأحصى المرصد مقتل سبعة مدنيين بالنيران التركية أمس لترتفع بذلك حصيلة القتلى المدنيين منذ بدء الهجوم إلى 17 مدنياً، بينما قتل 41 من قوات سوريا الديمقراطية في حصيلة جديدة.

وأعلنت أنقرة مقتل جندي تركي وإصابة ثلاثة آخرين خلال المواجهات، غداة مقتل سبعة مدنيين بينهم رضيع سوري، وإصابة نحو 70 بجروح في قذائف سقطت على بلدات حدودية في محافظتي شانلي أورفا ومردين، اتهمت السلطات مقاتلين أكراد بإطلاقها.

وغداة إعلان الجيش التركي والفصائل الموالية له السيطرة على 11 قرية حدودية، تمكنت قوات سوريا الديمقراطية، وفق المرصد، من استعادة السيطرة على قريتين ليلاً. وتستخدم هذه القوات، وفق عبد الرحمن، «أنفاقاً وتحصينات بنتها قرب الحدود لشن هجمات مضادة وإعاقة تقدم» خصومها.

وقال صحافي من «رويترز» في بلدة جيلان بينار على الجانب التركي من الحدود، إنه كان من الممكن سماع دوي طلقات النار داخل البلدة. وأضاف أن قافلة تضم 20 مدرعة تقل مقاتلين من المعارضة السورية دخلت سوريا من جيلان بينار الجمعة. وعلى بعد 120 كيلومتراً غرباً، قال شاهد إن مدافع الهاون التركية واصلت قصف بلدة تل أبيض السورية.

تنديد دولي

وأثار الهجوم تنديداً دولياً واسعاً وخشية من انتعاش تنظيم داعش مع انصراف المقاتلين الأكراد إلى قتال القوات التركية. وشجع وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر تركيا «بقوة» على «وقف» عمليتها العسكرية ضد المقاتلين الأكراد في سوريا، وفق بيان للبنتاغون.

وأورد البيان أنه خلال اتصال هاتفي بين إسبر ونظيره التركي خلوصي اكار، «شجع (الوزير الأمريكي) تركيا بقوة على وقف ما تقوم به في شمال شرق سوريا»، محذراً من أن «هذا التوغل قد تكون له عواقب وخيمة على تركيا». وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس من أن الآلاف من مقاتلي التنظيم الإرهابي المحتجزين لدى الأكراد قد يستعيدون حريتهم.

ضعف إمكانات

وفي حديث أثناء زيارته لتركمانستان، قال بوتين إنه يشك في أن الجيش التركي لديه ما يكفي من الموارد للسيطرة على الفور على معسكرات «داعش»، قائلاً إنه يخشى من أن مقاتلي داعش الذين تم أسرهم والذين احتجزتهم حتى الآن قوات سوريا الديمقراطية «يمكنهم الهرب». وأضاف بوتين «علينا أن ندرك هذا ونحشد موارد مخابراتنا لتقليص هذا التهديد المادي الناشئ».

وكانت قوات سوريا الديمقراطية المتحالفة مع الولايات المتحدة تحتجز أكثر من 10 آلاف من مسلحي داعش تم أسرهم خلال الحرب ضد المتطرفين في مخيمات ومراكز احتجاز في هذا الجزء من سوريا. لكنهم قالوا هذا الأسبوع إنهم مجبرون على التخلي عن بعض تلك المواقع لمحاربة الغزو التركي. ويناقش مجلس الأمن الدولي، بمبادرة من واشنطن، بياناً يدعو تركيا إلى العودة للدبلوماسيّة.

عقوبات

إلى ذلك، قال وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوتشين إن الرئيس دونالد ترامب فوض مسؤولين أمريكيين بصياغة مسودة لعقوبات جديدة «كبيرة جداً» على تركيا، لكنه أضاف أن تلك العقوبات لن تطبق في الوقت الراهن. وهددت حكومات الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على تركيا ورفضت تحذير الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أنه «سيفتح الأبواب» ويرسل 3.6 ملايين لاجئ إلى أوروبا إذا لم تسانده.

وقالت وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الأوروبية، اميلي دو مونشالين، إن مسألة فرض عقوبات أوروبية على تركيا إثر تدخلها في شمال سوريا «ستبحث في القمة الأوروبية الأسبوع القادم».

Email