الإطارات المشتعلة.. «ثقافة» بين حدَّي الاعتراض والاستعراض في لبنان!

ت + ت - الحجم الطبيعي

من حين إلى آخر، يقرّر الشارع اللبناني أن ينتفض، ليستحيل مساحةً تائهةً بين «التعبير الديمقراطي» والفرصة للانتقام من الوجه المعنوي للدولة.. وعلى جري العادات اللبنانية المتوارثة، تهبّ «ميني انتفاضات» في طرقات باتت نهباً لتظاهرات طيّارة متدحرجة، ويكون قطع الشوارع بالإطارات المحترقة، أسلوباً يتيماً يدلّ على العجز عن الابتكار وعن الألوان.

وبالاستناد إلى المقولة الشهيرة، إنّ «الحرب هي استكمال للسياسة، لكن بطريقة أخرى»، فإنّ في لبنان شارعين: واحد يفضي إلى الفتنة، وآخر يفضي إلى إعادة الاعتبار للدولة ومؤسّساتها، لتكون حَكَماً بين اللبنانيين.

علماً بأنّ الشارع لم يكن مسرحاً للتغيير السياسي والديمقراطي إلّا في مرّات نادرة جداً، وفي لحظات مصيريّة، إذ يتحوّل المطلب المحقّ أو التظاهرات، صدامات تأخذ طابعاً سياسياً، وتتجه نحو الطائفية، في وقت تندرج القضايا المعيشيّة والحياتيّة في آخر سلّم أولويات اللبنانيّين، ولا تشكّل محرّكاً لهم لكي يتظاهروا من أجل تأمين أبسط حقوقهم.

تأخير

«الدولة خربانة»، تجيب جنان جارتها، ردّاً على سؤال الأخيرة عن التأخير الحاصل في عودة التيار الكهربائي. تنظر إلى البعيد كأنّها تلملم أفكارها، وتبتسم في الوقت عينه كمن أصاب «عصفورين بحجر واحد»، وتبدأ باستعراض مكامن «خراب الدولة»، بدءاً من العملة الخضراء التي لامست عتبة الـ 1600 ليرة، ووصولاً إلى وقوف المواطنين في طوابير أمام محطات المحروقات.

«خلّينا نزيّنها»

وفيما تبقى الإشكاليّة الأساسيّة عن «الرسالة» التي يحملها حرق الإطارات، ومن يغطّي هذه الظاهرة، تبرز من حين إلى آخر تجمّعات اعتراضيّة رمزيّة، يشارك فيها أطفال يزيّنون الدواليب بالألوان الزاهية، ويزرعون فيها الورود.. «بدل ما نولّعها، خلّينا نزيّنها»، و«كلنا تحت سما لبنان»، عبارتان باتتا متدوالتين في النشاطات التي تُقام.

والتي تحمل رسالة إلى من يحرقون الدواليب، لأن يتوقفوا عن هذه الوسيلة للتعبير، لما لها من مضار صحيّة وبيئيّة.

كما تبرز التجارب في استخدام إطارات السيارات المستعملة، مادةً لتزيين البيوت والمحال والحدائق، بدءاً من طلائها بألوان جميلة وتعليقها على حائط بشكل بسيط وجميل، تُستخدم عوضاً عن أحواض لزراعة الورود والأزهار، ووصولاً إلى تحويلها بطريقة يدويّة إلى طاولات أو مقاعد أو ديكورات مختلفة للحدائق والغرف، بدلاً من التخلّص منها بالحرق وتلويث البيئة.

120

نشرت مــصادر إعلامية، تقريراً بعنوان «قريباً في لبنان.. ضريبة على النفايات»، أشارت فيه إلى "رسم آخر على المواطن اللبناني يلوح في الأفق، يقضي بأن من ينتج نفايات أكثر، تترتب عليه رسوم مالية أكبر، يدفعها إلى البلدية، في مقابل جمع النفايات ونقلها".

اقتراح وزيرة البيئة، ينص على أن الرسم يختلف بحسب نوع المنشأة ومساحتها، فمثلاً الشقق السكنية ما دون 120 متراً، يترتب عليها رسم بقيمة 5 آلاف ليرة شهرياً، أما تلك التي ما بين 120-200 متر، فالرسم يبلغ 10 آلاف ليرة، أما الشــقق الأكبر ما بين 200-400 متر، فعلى أصحابها دفع 15 ألف ليرة كرسم شـــهرياً، وأما تلك التي تزيد علــــى 400 متر، فرسمها 20 ألف ليرة.

ولم تشهد أزمةُ النفايات حلّاً إلى الآن، على رغم إقرار مجـــلس الوزراء خطة وزارة البيئة لمعالجة النفايات.

حلول الوزارة المؤقتة ما زالت نفسها، إلى حين الاتّفاق على مواقع لمطامر صحّية في كلّ لبنان. بدورها، الاعتراضات ما زالت مستمرة، فتوسعة مطمر برج حمود مرفوضة من أحزاب وناشطين بيئيين، كذلك تتوالى الاعتراضات على كلّ موقع يُطرَح في الشمال. الأزمة وصلت إلى الضنية، حيث النفايات تمــــلأ الطرق. والحلول المؤقتة محدودة.

 

Email