ترامب خرج عن كل الأدبيات الأمريكية في مواجهة خصومه

صورة أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

بمزيد من الغضب والجدّية، يتعامل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مع التحقيق الذي أطلقه الديمقراطيون في مجلس النواب، بهدف عزله. وفي هذه المعركة الجديدة، يلجأ الرئيس الجدلي إلى مفردات وتعبيرات غير مسبوقة في الأدبيات الأمريكية، بل إن بعض المراقبين يرى فيها اقتباساً من القاموس الشرق أوسطي والأمريكي اللاتيني، إذ يخرج كل يوم بوصف من خارج الموروث الأمريكي، لمواجهة إجراءات عزله.

أمس، اعتبر ترامب التحرك في الكونغرس لعزله «انقلاباً». وقال في تغريدتين على تويتر «لقد توصّلت إلى استنتاج، مفاده أنّ ما يحدث ليس عزلاً، بل هو انقلاب، هدفه الاستيلاء على سلطة الناس وتصويتهم وحرياتهم، وعلى التعديل الثاني (للدستور)، وعلى الدين والجيش والجدار الحدودي، وعلى حقوقهم التي وهبها إياهم الله كمواطنين للولايات المتحدة الأمريكية!».

ويشن ترامب هجوماً واسع النطاق، وفي كل الاتجاهات، بعد مضي الديمقراطيين في مجلس النواب قدماً في التحقيق الرامي إلى عزل الرئيس، بتهمة استغلال السلطة، في ما يتعلق بمحادثة مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، يثور جدل بشأن محتواها، وفيما إذا طلب فيها ترامب بإجراء تحقيق بشأن شبهة فساد لخصمه السياسي جو بايدن، المرشح الأبرز لانتخابات 2020 الرئاسية.

حرب أهلية

أول أمس، حذر ترامب من «حرب أهلية» في بلاده، إذا تمكن الديمقراطيون من تنحيته من منصبه، واقبس كلمات مستشاره الديني، القس روبرت جيفريس، عبر حسابه على «تويتر» قائلاً: «لا تستطيع نانسي بيلوسي والديمقراطيون إقالتي من منصبي، وهم يعلمون أنهم لم يتمكنوا من التغلب عليه في عام 2016 ضد هيلاري كلينتون. وهم يدركون بشكل متزايد، حقيقة أنهم لن يفوزوا عليه في عام 2020».

ترامب أعاد إحياء نظريات المؤامرة، ودعا لتوقيف رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، آدم شيف، المنتمي للحزب الديمقراطي، بتهمة الخيانة، محذّراً من حرب أهلية. ووصف البدء بإجراءات عزله بأنها «أكبر اضطهاد سياسي في تاريخ بلادنا». شيف كان استهل جلسة الكونغرس الأسبوع الماضي، لوصفه ترامب بزعيم عصابة، يمارس ضغوطاً على الرئيس الأوكراني، للتحقيق بشأن خصمه بايدن.

منتقدون

ريتشارد باينتر، المسؤول السابق في إدارة الرئيس جورج دبليو بوش، أدان تصريحات ترامب حول الحرب الأهلية. وقال باينتر، الذي انسحب من الحزب الجمهوري، إنه «لا يمكن السماح لرئيس يهدد بحرب أهلية إذا لم تصب عملية سياسية في مصلحته، بقيادة جيش الولايات المتحدة»، مضيفاً «يجب إقالته من منصبه فوراً». وعن نظرية المؤامرة، قال مستشار ترامب السابق للأمن الداخلي، توماس بوسرت، لشبكة «إيه بي سي» الأمريكية، إنها «مفضوحة تماماً».

وبالإضافة إلى الديمقراطيين، طال هجوم ترامب وسائل الإعلام، التي عادة ما ينتقدها بشكل حاد. وجاء في إحدى تغريداته: «هؤلاء الديمقراطيون المنتمون لليسار المتطرف، والذين لا ينجزون شيئاً، يتسببون بأذى كبير لبلادنا». وتابع «إنهم، كما الإعلام المضلل، خطيرون وسيئون».

الصورة التي يظهر عليها الرئيس الأمريكي، ليست جديدة ولا مفاجئة، إنما هي لازمته منذ انطلاق حملته الانتخابية.

في يونيو 6 201، اعتبرت هيلاري كلينتون المرشحة عن الحزب الديمقراطي، التي نافست ترامب، أن ترامب «لا يملك أفكاراً، بل يدلي بتصريحات غريبة، ويشارك في نزاعات شخصية وأكاذيب صريحة». وقالت لشبكة ABC الأمريكية، إن الناس في العالم لم يعتادوا رؤية مرشح رئاسي أمريكي على هذه الدرجة من «إثارة الخلاف والابتعاد عن الحقيقة».

دهشة واستغراب

وفي واقع الحال، لم يكن ترامب يحتاج إلى إجراء مستفز لكي يدلي بتصريحات مثيرة للجدل، بل إنه قلّما يغرد على «تويتر» ولا يثير استياء أو جدلاً. الشهر الماضي، خرج بتصريح مثير للدهشة والاستغراب البالغ، إذ قال إن الولايات المتحدة لم تكن مأهولة قبل ربع قرن، لكي يثبت أن الولايات المتحدة في عهده «بلغت أرفع مستوى في تاريخها من حيث نظافة الهواء والمياه». ثم قال إن أمريكا «ستذهب إلى جهنم» إذا فاز الديمقراطيون بالانتخابات المقبلة.

وسبق لترامب أن قال إن القوات الأمريكية «أحكمت السيطرة على المطارات»، إبان حرب الاستقلال التي جرت في القرن الـ 18، أي قبل أكثر من قرن من تحليق أول طائرة.

ويبقى ترامب والمراقبون بانتظار التحرّك الذي يقوده الديمقراطيون لعزله، فإذا فشل هذا التحرّك، فإن الشغوفين بالتصريحات المثيرة للسياسيين، سينعمون بولاية جديدة من الجدل الدهشة.

Email