تقارير «البيان»

هموم لبنان تراوح بين نيويورك وباريس

ت + ت - الحجم الطبيعي

بين زيارة الرئيس اللبناني العماد ميشال عون إلى نيويورك، اليوم، للمشاركة في أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وما سيطرحه من على منبر أعلى منصة دولية، وبين زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى فرنسا، لإطلاق المسار التنفيذي لمقرّرات مؤتمر «سيدر»، ارتفع منسوب الكلام في لبنان، عن أنّ حسْم الخيارات الاستراتيجية يحتل أولوية كبرى لدى الدول المانحة.

وفي انتظار ظهور معالم المرحلة المقبلة، برز قلق استثنائي حيال تداعيات ما سيحدث بسبب التعاطي مع إيران وحزب الله، على أساس كيان واحد، بما يجعل ‏الوضع أشد دقة للبنان، والذي دخل في مرحلة ترقّب لما سيكون عليه الوضع من انعكاسات وتداعيات عليه، وذلك في خضم الأجندة الأمريكية المعلنة، الهادفة لبناء الأسس مع الدول الحليفة لواشنطن، حول كيفية مواجهة الخطر الإيراني، ووقف تمدّد نفوذ إيران في المنطقة، والضاغطة من جهة ثانية على حزب الله، الذي أعلنت الإدارة الأمريكية أنّها تُحضّر لمزيد من العقوبات عليه.

وفي خضمّ الحديث عن أنّ الإدارة الأمريكية تبدو عازمة على مواصلة «شدّ الطوْق»، ليس فقط حول عنق حزب الله، بل على حلفائه وداعميه، تردّدت معلومات مفادها أنّ وزارة الخزانة الأمريكية ستعلن قريباً رزمة عقوبات جديدة على قياديين في الحزب وسياسيّين، إلا أنّها ستطال أيضاً، وللمرة الأولى، حلفاء له، ذلك أنّ المعيار الذي تعتمده ليس طائفياً، بل سياسياً، وهذا ما أبلغه مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر، لمن التقاهم في بيروت.

حضور دولي

ووسط حرصه على حضور لبنان في المحافل الإقليمية والدولية، يلقي ميشال عون كلمته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة الأربعاء المقبل، بعناوين محلية وإقليمية، تتناول ملفات النازحين والإرهاب والأوضاع في الأراضي الفلسطينية، كما سيعرض أيضاً تفاصيل القرار الأممي الذي تبنّى مبادرته بتأسيس أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار على أرض لبنان.

وعلمت «البيان» أن عون سيشدّد، من نيويورك، على سلسلة المواقف الثوابت التي ينتهجها لبنان في سياساته من جميع القضايا المحلية والإقليمية والدولية، وسيتناول الوضع في لبنان عبر التشديد على البرامج الإصلاحية التي باشر بها، من أجل تجاوز مجموعة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، سواء تلك الناجمة عن الاعتداءات الإسرائيلية المتمادية، والخروق للقرارات الدولية، أو تلك الناجمة عن الحرب السورية، وتداعياتها الخطيرة على لبنان، والتي تجلّت بوجود نحو مليون ونصف مليون نازح سوري على أراضيه.

مباحثات صعبة

إلى ذلك، يُنتظر أن يجري رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، مباحثات صعبة، بهدف الوصول إلى ترجمة عملية لالتزامات «سيدر 1»، التي تحوّلت وعوداً، إذ لا محصلة نهائية حتى الآن للزيارة، بيد أنّ الثابت يمكن في أنّ مهمة الحريري ليست سهلة، لا سيّما أنّ لبنان مُطالب بإصلاحات جذرية، بنيوية، لم يحقّقها حتى الآن، وهو الأمر الذي أشار إليه الحريري صراحة، بعد اجتماعه بالرئيس الفرنسي.

في السياق، بدا أنّ تنفيذ الالتزامات لن يحصل سريعاً، إذ أعلن الحريري أنّه تمّ الاتفاق على متابعة مقرّرات «سيدر»، عبر لجنة متابعة قد تجتمع نوفمبر المقبل، في سياق تقييم الإصلاحات الجديدة، التي ستتضمنها موازنة 2020، التي يفترض أن تُحال لمجلس النواب في أقرب وقت، وذلك بما يشبه الوصاية الدولية على الإصلاحات التي طلبها مؤتمر «سيدر»، لتقديم قروض مالية للاستثمار في البنى التحتية اللبنانية، في ظل تشديد فرنسي على ضرورة أن تكون الدولة سيّدة قرارها، وأن تحقّق الأمن والاستقرار لأبنائها، أي أن تملك هي لا سواها قرار السلم والحرب، بمعنى أنّ وضْع قطار الاستثمارات المرجوّة على الطريق الصحيح إلى بيروت، يتطلّب تجديد الدولة اللبنانية، ما كانت تعهّدت به سابقاً في ما خصّ الحياد والقرارات الدولية والإصلاح.

Email