تقارير «البيان»

أمريكا وإيران.. خطوات بطيئة نحو الحوار

ت + ت - الحجم الطبيعي

سياسة مغايرة تماماً عن سلفه، اتّبعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشكل خاص فيما يتعلق بالموقف من إيران، اعتمدت على التصعيد المتتالي والمباشر الذي وضع إيران في «المخنق»، وفرض عليها ضغوطاً اقتصادية هائلة، من منطلق العقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية عليها، فضلاً عن استراتيجية تصفير صادرات إيران النفطية.

عوامل عدة قد تدفع إيران إلى الدخول في محادثات سياسية؛ أهمها ما يتعرض له نظامها من ضغوط داخلية واسعة، في ظل الوضع الاقتصادي المتردي وما يفرزه من تداعيات شديدة الخطورة على الصعد كافة. وتحت ذلك الضغط قد يكون النظام الإيراني - ومع استمرار التصعيد الأمريكي - مضطراً إلى التراجع الاستراتيجي للحوار مع واشنطن.

ومن بين الأسباب التي تدفع إيران المنهكة اقتصادياً للحوار مع واشنطن، اعتمادها ورهانها على عامل الوقت إلى حد كبير، أملاً في تجاوز الأزمة الراهنة، وانتظارها للانتخابات الأمريكية المقبلة.

أفق التهدئة

الأمور في الفترة الحالية، في تقدير كثير من المحللين، وبينما قد لا ترقى للمواجهة بين الجانبين، إلا أنها أيضاً قد لا تجد أفقاً للتهدئة، ومن ثمّ من المرشح «بقاء الحال على ما هو عليه» وعدم التوصل لحل جذري، نظراً لتمسّك طهران بما حققته من إنجازات ونفوذ خلال السنوات الماضية في الإقليم. وهذا ما يؤكده المدير التنفيذي للمركز العربي للبحوث والدراسات هاني سليمان، والذي يشير لـ «البيان» من القاهرة، إلى أن «العلاقات الدولية الحديثة تتسم بالسيولة، ولا يوجد قالب جامد أو صيغة ثابتة على المدى القصير لهذه العلاقات، وهو ما ينطبق على الأزمة بين واشنطن وطهران؛ فبينما على صعيد التصريحات الرسمية هناك تهديدات وتصعيد متبادل، لكن في الوقت نفسه هناك حديث عن الحوار والتهدئة وتجنّب حرب لا تحتمل عواقبها».

ويرى سليمان أن المشهد الحالي يحتمل كل الصيغ، فالحرب لا يريدها أحد، لكنها في الوقت ذاته «قد تكون أمراً واقعاً بالفعل إذا ما استمرت سياسة طهران الاستفزازية وإذا ما نجح ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة»، مشيراً إلى العديد من الوساطات السابقة ومحاولات تقريب وجهات النظر، لكن معظمها باءت بالفشل.

وتتعاطى إيران مع الأزمة الحالية انطلاقاً من «ثلاثية الضغط» المتاحة لديها، والممثلة في التهديد بالملاحة والأمن في مضيق هرمز، واستخدام ميليشياتها في دول الإقليم، وحتى الضغط بورقة الاتفاق النووي، ومن ثمّ ليس لدى إيران حالياً (على المدى القصير) نية للتراجع؛ ذلك أنها تعتمد سياسة الهروب إلى الأمام، طبقاً لسليمان الذي يعتقد أن «المشهد الحالي يسير في اتجاه استمرار التصعيد وعدم وجود أفق للجلوس على طاولة المفاوضات، على الأقل حتى الانتخابات الرئاسية المقبلة في أمريكا، أملاً من جانب إيران في أن تأتي الانتخابات بوجه آخر أقل حدة من ترامب».

تكثيف العقوبات

وطبقاً لتحليل خبير الشؤون الإيرانية، علي عاطف، للموقف الراهن في ضوء المعطيات الحالية، فإن النظام الإيراني إن آجلاً أو عاجلاً سوف يلجأ إلى الحوار والتفاوض مع الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بسبب تدهور الأوضاع المحلية في إيران بشكل كبير خلال الأعوام القليلة الماضية، وبخاصة خلال الأشهر الماضية على خلفية إعادة فرض العقوبات على النظام الإيراني نتيجة لأنشطته التخريبية في المنطقة، إذ كثفت الولايات المتحدة مرة أخرى من عقوباتها على النظام الإيراني منذ العام الماضي 2018.

وحول الشروط التي قد يتمسك بها كل طرف من الطرفين، قال لـ «البيان» من القاهرة إن الولايات المتحدة سوف تشترط للتفاوض أن يوقف النظام الإيراني أنشطته التخريبية في المنطقة، وأن يوقف أنشطته النووية والصاروخية، وهذا الأخير، النووي، لن تتنازل عنه الولايات المتحدة الأمريكية (..) أما إيران، فمن المتوقع أنها سوف تشترط رفع واشنطن عقوباتها الاقتصادية عنها.

سيناريوهات مفتوحة تلف مصير الأزمة بين واشنطن وطهران، أكثرها خطورة سيناريو المواجهة، بينما يظل سيناريو التهدئة مطروحاً، لاسيما في ظل إبداء الطرفين مواقف مرنة نسبياً إزاء التفاوض، ولو كان ذلك يحدث ببطء.

Email