يجلس الشاب طارق على كرسي خشبي قديم، في أحد دهاليز مدينة الرفاع الشرقي بالبحرين، وهو يمارس بمتعة حرفة الصباغة، كهواية مفضلة يأنس إليها منذ الطفولة.
ومعه على امتداد الشارع القديم والطويل، يتناثر أطفال وشباب من كلا الجنسين، بمهمة عمل واحدة، تجمعوا كلهم لأجلها، هي إعادة إحياء هذا الشارع الصامت، والقديم، وبث روح الأمل والروح الجديدة فيه، بتغيير مذهل يطال واجهات المباني والمساكن القديمة الرابضة على ضفافه، لتكون عالماً جديداً، مختلفاً، هويته صنع الجمال الدائم والمستمر.
ويتشارك صناع الأمل في مهام سكب الألوان على الجدران، ومنهم من يركب القطع الخشبية بزخرفات فنية مختلفة، وآخرون يضعون قوالب النباتات المنزلية بأطراف الشارع، بترتيب هو أقرب للوحة الفنية، وغيرهم يصنعون مكتبات الشوارع، بروح واحدة، وجمال واحد، هدفه إيجاد التغيير، وأي تغيير؟
الطريق التعليمي هو مشروع بحريني رائد، تبنته شركة «بحرين ترست»، بمساندة رسمية وأهلية وشعبية واسعة، هذا المشروع كانت بداياته في أحد شوارع مدينة الرفاع الشرقي، والذي تحول في غمضة عين إلى مقصد سياحي، يحضره المواطنون قبل السائحين أنفسهم.
الطاقة المستدامة
وتقول رئيسة مجلس أمناء شركة «بحرين ترست» فاطمة البلوشي، التي كانت وزيرة للتنمية الاجتماعية وللصحة من قبل، بأن مشروع «الطريق التعليمي» هو إعادة إحياء طريق لمجتمع محلي بطريقة مستدامة، من خلال الألوان والتخضير، وعرض مشوّق لمواد وألعاب تعليمية تفاعلية مشوقة للأطفال، والناشئة، ومكتبة مفتوحة أيضاً.
وتؤكد البلوشي في تصريحها لـ«البيان» بأن المشروع يدعم في صميمه تقنيات الري الحديثة، والطاقة المستدامة، ويحتوي محطات تعليمية تفاعلية كهربائية ويدوية، وأماكن للجلوس والاستراحة، ولوحات إرشادية وتعليمية، ومكتبة عامة للقراءة، كما أنه مزود بكاميرات المراقبة.
بيئة جاذبة
وتردف البلوشي: «يوفر المشروع بيئة صديقة للطيور المحلية، والكائنات الحية الأخرى، وينشط المجتمع المحيط عبر توفير بيئة جاذبة وآمنة لجميع الفئات والأعمار».
وعن نماذج الطرق التعليمية تقول: «هنالك الطريق الأخضر، وهو طريق يزخر بالنباتات المحلية والمثمرة والخضروات والأعشاب القابلة للأكل، بالإضافة لنباتات الزينة، وتكون منسقة بطريقة مستوحاة من المناظر الطبيعية، لإضفاء لمسات جميلة للبيئة، تشجع على التجمعات الاجتماعية لسكان الحي».
وتضيف البلوشي: «هنالك الطريق النابض بالحياة، ويدعم بمرافقه الجديدة أنشطة الجيران والمجتمع والمحلات التجارية، ويتضمن الاستخدام الأمثل للمساحات، من أجل إقامة الفعاليات الترفيهية، والأنشطة المبرمجة، والأنشطة التلقائية».
وعن متطلبات الطريق التعليمي، تقول: «أهمها إتاحة أرضية تسمح بنفاذ مياه الأمطار والمجاري والمياه المتجمعة إلى الأرض، وأن تكون البنية التحتية للطريق مراعية لأعمال الصيانة والترميم التي نقوم بها، وأن لا تؤثر على استخدام الطريق.
والتأكد من عدم إعاقة الطريق التعليمي لمرور سيارات الطوارئ، أو إعاقة الطريق لمواقف سيارات الجيران، ويوضع في الاعتبار استخدام الطريق من ذوي الإعاقة وكبار السن، وإيجاد خدمات النظافة والأمن، ومصدر للماء والكهرباء، والتأكد كذلك من سلامة المشاة عند تقاطع الطرقات التي يمر بها الطريق التعليمي».
التحدي
وتقول البلوشي ختاماً: «نهتم بأن نشجع المجتمعات المحلية على تطبيق فكرة الطريق التعليمي، من خلال منحة التحدي بالشراكة مع القطاع الخاص، وفي إطار زمني مدته عشر سنوات، سيساعد على إنشاء شبكة طرق تعليمية، باكورتها التحسينات الصغيرة والمستمرة، والتي ستسهم في بناء مجتمعات جديدة، تؤمن بالتكافل، والاهتمام بالبيئة، والتوجه نحو الطاقة المستدامة بكل جوانب الحياة».
2030
تعتبر حماية البيئة من أهم المواضيع التي تشغل دول العالم، بما فيها مملكة البحرين، إذ إنها أساس استدامة هذه الدول. بذلت مملكة البحرين جهوداً كبيرة نحو ضمان الاستدامة في مختلف المجالات.
وقد أكد دستور مملكة البحرين، وميثاق العمل الوطني، على ضرورة الحماية البيئية، لتحقيق التوازن بين متطلبات التنمية العمرانية والحضرية، مع الاستدامة البيئية، التي تعد أيضاً أحدى المبادئ الرئيسة التي ارتكزت عليها رؤية البحرين الاقتصادية 2030.
ومن أجل ذلك، أنشئ المجلس الأعلى للبيئة في البحرين، للمساهمة في وضع الاستراتيجيات والسياسات، وتطوير البرامج التي من شأنها تحقيق الاستدامة البيئية في مختلف المجالات بالمملكة. إلى جانب ذلك، أصدرت الحكومة في البحرين، عدداً من القوانين واللوائح التنظيمية المتعلقة بالتنمية المستدامة للبيئة.
كما انضمت للعديد من الاتفاقيات الدولية، المتمثلة في التزام مملكة البحرين بالاتجاهات العالمية في حماية البيئة في المجتمع الدولي. وفي ذات الصدد، أصدرت مملكة البحرين قانون النظافة العامة لحماية البيئة من السلوكيات غير الحضارية تجاه المخلفات، وتعزيز النظافة العامة بمملكة البحرين. المنامة- البيان
