سيدة تعلن تأسيس "مملكة عربية إسلامية".. وتبحث عن "شعب"

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس في لأمر دعابة كما بدا للوهلة الأولى. طوى العالم عهد المستكشفين الجغرافيين عبر البحار منذ قرون، لكن على البر ما زال هناك ما يصلح أن يصنّف ضمن الاكتشافات المثيرة للجدل. فقد ظهرت قطعة أرض بلا صاحب، لا تنتمي إلى أية دولة، وتقع بين دولتين عربيتين، مساحتها أكثر من ألفي كيلومتر مربع، أعلنت سيدة أمريكية من أصل لبناني عن تأسيس مملكة فيها.. مملكة «الجبل الأصفر»، لحل مشكلة اللاجئين والمشردين في العالم.

قوبل إعلان السيدة الأمريكية من أصل لبناني نادرة ناصيف تأسيس مملكة جديدة باسم «مملكة الجبل الأصفر» في المنطقة الحدودية بين مصر والسودان على مساحة 2060 كيلومتراً، وسمّت السيدة نفسها رئيسة وزراء فيها، بتحذير من خبراء قانونيين بشأن خطورة الأمر، مطالبين بالتعامل مع القضية بجدية وفق إطار القانون الدولي ووفق بروتوكولات ترسيم الحدود بين القاهرة والخرطوم، اللتين امتنعتا عن التعليق على الأمر بشكل رسمي.

وفقاً لما نشره الحساب الرسمي لوزارة خارجية الدولة المزعومة على «تويتر»، فإن «مملكة الجبل الأصفر» تلك «دولة عربية إسلامية ذات سيادة، تقع في الشرق الأوسط من شمال شرق القارة الأفريقية، حيث يحدّها من الشمال جمهورية مصر العربية ومن الجنوب جمهورية السودان».

ناصيف ادعت أن قمة عقدت في مدينة أوديسا في أوكرانيا، خلال الأيام الماضية لإعلان المملكة المزعومة وقالت خلال كلمتها في مقطع الفيديو أن مملكة الجبل الأصفر ستكون دولة نموذجية، بإعتبار أن الهدف من قيامها هو وضع حل لأزمة النازحين والمهجرين.

ورغم أن مصر والسودان الرسميتين قابلتا إدعاءات ناصيف وتطلعاتها لقيام المملكة الحلم بذات القدر الذي قابلت به إدعاءات من سبقوها من المغامرين لملكيتهم للأرض، الا أن القضية وجدت حظها من التداول على وسائل الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، التي افردت مساحات لإعلان نادرة ناصيف، الذي شغل حيزا ايضا من الجدل.

الإعلان عن تأسيس الدولة المزعومة قوبل بردود فعل متباينة، فبينما اعتبره متابعون مجرد دعابة من أشخاص غير ذي صفة، حذر خبراء وأساتذة القانون الدولي من خطورة الأمر، مطالبين بالتعامل مع القضية بمزيد من الجدية وفق إطار القانون الدولي ووفق بروتوكولات ترسيم الحدود بين القاهرة والخرطوم.

مساحة

تبلغ مساحة «الجبل الأصفر» الإجمالية 2060 كيلومتراً مربعاً، والهدف من تأسيسها ــ وفقاً لما جاء في بيان التأسيس ــ وضع حد لانتشار اللاجئين والمهاجرين وعديمي الجنسية بالعالم، والذين وصلت أعدادهم لنحو 80 مليون شخص، وتقع المملكة المزعومة في منطقة «بئر الطويل» التي ترددت روايات عن أنها أرض بلا صاحب.

وطبقاً لخبراء في القانون الدولي، فإن أراضي هذه «المملكة» لا تخضع لا لسيادة مصر ولا لسيادة السودان، فحدود مصر مع السودان يحدها خط العرض 22 طبقاً لاتفاقية 1899 والذي يجعل أراضي هذه المملكة المزعومة خارج حدودها، في حين لا تعترف السودان بهذه الحدود المصرية وتطالب بضم حلايب وشلاتين إليها طبقاً لما تقول إنه يستند إلى خريطة 1903، وهو ما يجعل أراضي «الجبل الأصفر» أيضاً خارج حدودها، ومن هنا فإنه من حق أي فرد أو جماعة إعلان ملكيتها لهذه الأراضي.

تحفظ سوداني

وتحفظت وزارة الخارجية السودانية عن التعليق بشأن المملكة المزعومة، وقال الناطق الرسمي باسم الخارجية السودانية السفير بابكر الصديق، ردا على سؤال «البيان» حول الموقف السوداني إن الامر يحتاج لأخذ المشورة من خبراء القانون الدولي أولاً.

غير أن مصدراً حكومياً سودانياً أكد لـ«البيان» أن المنطقة المزعومة خارجة عن سيادة الدولة السودانية ولكن بالتأكيد سيكون للسودان موقف واضح لا سيما وأن المنطقة محاذية للحدود السودانية وتسكنها قبائل مشتركة بين البلدين، ويشير المصدر الذي طلب حجب هويته أن منطقة بئر طويل (مملكة الجبل الأصفر) وضعتها الادارة الانجليزية في العام 1902 تحت الادارة المصرية رغم إنها تقع جنوب خط عرض 22، وذلك باعتبار أن المنطقة تمثل مرعى لقبائل العبابدة الذين يتمركزون قرب مدينة أسوان، بينما وضعت مثلث حلايب شمال ذات الخط تحت الإدارة السودانية لأن سكانه البشاريين كانوا امتداداً لجماعات تتمركز بالقرب من نهر عطبرة داخل السودان.

علامات استفهام

غير أن عملية الإعلان عن المملكة المزعومة أثارت تساؤلات سياسية وقانونية عن أسباب تأسيس وأهداف تلك الدولة الجديدة، وكيف ظهرت للنور؟ ولماذا في هذا التوقيت تحديداً؟ بالإضافة إلى تساؤلات عن معايير وضوابط تأسيس الدول ومدى تطابقها مع حالة «الجبل الأصفر».

يرى الخبير في القانون الدولي د. علي الشايب أبو دقن أنه وقبل الحديث عن قيام مملكة الجبل الاصفر المزعومة لابد من تعريف الدولة وفقاً للقانون الدولي، الذي يحدد عناصر الدولة من شعب واقليم جغرافي وسيادة معترف بها دوليا واقليميا، مشيرا إلى أن قيام دولة على حدود بين دولتين يتنافي مع قواعد القانون الدولي، ويعد كذلك إنتهاكا لقواعده وتعدي على سيادة دولتين.

ويضيف في تصريح لـ«البيان»: الأراضي مثار الجدل خاضعة لدولتي مصر والسودان بغض النظر عن النزاع الحدودي حول مثلث حلايب، فالنزاع لا يمنع الدولتين من ممارسة حقهما على تلك الارض". وأكد على بطلان قيام دولة في المنطقة المعنية.

لكن بعيداً عن القانون والنزاع الحدودي، فإن مقومات مملكة السيدة ناصيف (الجبل الأصفر) ليست مضمونة للمشردين الذين تريدهم مواطنين لمملكتها. فالمواطنون المفترضون لهذه المملكة هم الذين لديهم مشكلات معيشية صعبة، ومملكة الجبل الأصفر ذات الطبيعة الصحراوية الجافة تجعل من الصعوبة إقامة مشاريع زراعية توفر الغذاء لسكانها المفترضين، أو استغلال مواردها الطبيعية بشكل اقتصادي يحقق عوائد تكفي لاستيعاب أعداد كبيرة من البشر.

كلمات دالة:
  • أوكرانيا،
  • الخرطوم،
  • القاهرة،
  • السودان،
  • مصر،
  • نادرة ناصيف،
  • الاكتشافات
Email