اهتمام دولي كبير بالشأن الليبي تبدّى في اجتماع الدول السبع الكبرى، عنوانه الأبرز الدعوة لعقد مؤتمر دولي حول ليبيا بمشاركة مختلف الأطراف، في مسعى لإيجاد حل للأزمة وخلق واقع جديد يتجاوز إخفاقات ما تم التوصل إليه من اتفاقات أخيراً. وعلى الرغم من أن الاهتمام الدولي بالملف الليبي ليس جديداً، إلا أنه ينحو هذه المرة منحى عملياً بإعلانه الواضح بعجز سلطات طرابلس في أداء مهامها التي نصّ عليها «اتفاق الصخيرات».
وأشاد رئيس الحكومة المؤقتة عبدالله الثني، بالموقف الدولي الداعم لاستقرار ليبيا والحرب ضد الميليشيات، مرحباً بالتغير الدولي حيال الملف الليبي، وذلك على إثر بيان اجتماع الدول السبع. وقال مصدر مأذون من خارجية الحكومة المؤقتة لـ «البيان»، إن الاهتمام الدولي بالأزمة الليبية ليس جديداً، إلا أنه يتخذ هذه المرة جانباً عملياً عبر الدعوة لمؤتمر دولي بمشاركة كل الأطراف مثل الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، وهو ما يعني الاعتراف بفشل مخرجات مؤتمر الصخيرات في 2015، والتي نتجت عنها سلطة هجينة لم تحظ بثقة مجلس النواب، ولم تبسط سلطة الدولة على البلاد، ولم تجر أية ترتيبات أمنية مجدية، بل اكتفت بالاعتماد على الميليشيات وإهدار الثروة والتمكين للمتطرّفين، والانحياز لمحور التطرف تحت راية الإخوان الذين كانوا وراء كل ما وصلت إليه ليبيا من تخريب ممنهج.
وأوضح أن دعوة الدول السبع الكبرى لمؤتمر دولي حول ليبيا، هي بمثابة اعتراف بأن كل المبادرات السابقة قد فشلت، وأن سلطات طرابلس لم تعد قادرة على الاستمرار في المهام التي أوكلت إليها، ما يستدعي تجاوز المأزق بجمع الليبيين حول مشروع وطني يحفظ سيادة الدول ويحمي مقدرات البلاد ووحدة مجتمعها وسلامة أراضيها وتحصين مقدراتها.
دور فاعل
ويرى المحلل السياسي الليبي بشير الصويعي لـ «البيان»، أن دور مصر كان واضحاً في إقناع الدول السبع بضرورة عقد مؤتمر دولي تشارك فيه أطراف عدة، إذ لفت الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى تفاقم الأوضاع في ليبيا وأثر ذلك على أمن واستقرار مواطنيها بل ودول الجوار، جراء التهديد الذي تشكله المنظمات الإرهابية، والسيولة الأمنية المتمثلة في انتشار الميليشيات المسلحة، ما يقتضي تضافر الجهود الدولية لوضع حد لهذه الأزمة والتهديد، وبما يضمن سلامة الشعب الليبي الشقيق، ويحفظ له مقدراته وموارده.
وربط مراقبون بين موقف الدول السبع، وما ورد عن اجتماع قائد القيادة الأمريكية الأفريقية، أفريكوم، الجنرال ستيفن تاونسند، برئيس المجلس الرئاسي فائز السراج. وأكد المحلل السياسي عيسى عبد القيوم، أن الجنرال الأمريكي شدّد على أهمية احتواء تهديد التنظيمات المتطرفة حتى لا يخلق عدم استقرار إضافي في ليبيا والمنطقة، وعدم تمكين التنظيمات المتطرفة من استغلال الوضع الراهن في ليبيا لإحداث الفوضى، وتعزيز أهدافها.
نهاية احتكار
إلى ذلك، رجّح المحلل السياسي السنوسي الشريف، توصّل مجلس الأمن لقرار دولي ملزم ونافذ لوقف إطلاق النار واستئناف العملية السياسية في لييبا. كما قال الإعلامي والباحث المتخصص في الشأن الليبي، محمد عمر بعيو، إن الحاجة لا تزال قائمة لوجود ودور ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الدعم الأممية، غسان سلامة، مشيراً إلى أن الواقع الميداني بين أطراف الحرب حول طرابلس، سيظل في حالة أقرب إلى الثبات، ما سيجعل الأسابيع المقبلة مهلة تعطيها الأطراف الدولية الفاعلة لأطراف الصراع لتثبيت المواقع الذي سيفرض تغيير المواقف الحدية والقبول بالحلول السياسية. وأضاف: «انتهت بالنسبة للدول الفاعلة قصة احتكار حكومة الوفاق للاعتراف الدولي، الذي حاولت به تعويض فقدانها الشرعية المحلية، وصار لزاماً الذهاب إلى صيغ أكثر عقلانية وواقعية للتعامل مع الشأن الليبي».