تقارير «البيان»

إحراق الأقصى.. نصف قرن والاحتلال مستمر في اللعب بالنار

ت + ت - الحجم الطبيعي

نصف قرن مضى على جريمة إحراق المسجد الأقصى المبارك على يد الصهيوني مايكل دنيس روهان، الذي أشعل النار في المصلى القبلي للمسجد، ما ألحق أضراراً ودماراً في محتويات المسجد بما فيها منبر صلاح الدين التاريخي، ولم تخمد نيران حقد الاحتلال منذ ذلك الحين في أولى القبلتين، إذ طال لهيبها كل ما يرمز لعروبة وتاريخ القدس، عبر الاقتحامات التي لا تتوقف، والحفريات والأنفاق المدمرة، فضلاً عن محاولات الأحزاب اليمينية الإسرائيلية، المغرقة في التطرّف، هدم المسجد الأقصى لبناء هيكلها المزعوم على أنقاضه.

وبعد مرور نصف قرن على جريمة إحراق الأقصى، بات الحرم القدسي الشريف في خطر حقيقي، ولا زال المقدسيون ومعهم شوارع القدس العتيقة وأسواقها القديمة في قلب الاشتباك بمعركة القدس الأخيرة، حيث تحل ذكرى إحراقه، في ظل ظروف تكاد تكون نسخة طبق الأصل عما جرى في 21 أغسطس من العام 1969.

لا يكاد يمر يوم منذ ذلك التاريخ المشؤوم، إلا ويحاول المستوطنون المتطرفون إحراق الأخضر واليابس في القدس، لما تشكّله من رمزية وخصوصية وأهمية، ليس فقط للفلسطينيين، بل لكل المسلمين والعرب. يحرص المتطرّفون على إبقاء النار مشتعلة، والأوضاع متأججة، فيما الشواهد على ذلك متعددة وكثيرة وفي مقدمتها الاقتحامات اليومية، واستفزاز مشاعر المصلين والمرابطين، والتي لم يكن آخرها صبيحة عيد الأضحى المبارك.

شرارة تصعيد

كان المسجد الأقصى المبارك ولا يزال، بمثابة شرارة التصعيد، من هبّة النفق، التي انطلقت رداً على حفر أنفاق تحت أساسات المسجد الأقصى المبارك في سبتمبر 1996، إلى انتفاضة الأقصى، التي اندلعت رداً على تدنيس رئيس وزراء الاحتلال آنذاك أريئيل شارون، لساحات الأقصى في العام 2000، إلى هبة القدس أو «حرب السكاكين» في العام 2015، ومعركة البوابات الإلكترونية في العام 2017، وأحداث مصلى باب الرحمة العام الماضي، وغيرها، فضلاً عن مجزرة الأقصى إبّان الانتفاضة الأولى في العام 1990، والتي تصدى خلالها المقدسيون، لجماعات الهيكل المزعوم، وافتدوا الأقصى بالمهج والأرواح والدماء.

أوهام احتلال

ويبدو أن الاحتلال لا زال يوهم نفسه بأن أبناء القدس سيقفون مكتوفي الأيدي أمام انتهاك حرمة مقدساتهم، إذ تمر ذكرى إحراق المسجد الأقصى، وسط تصعيد شامل للاحتلال يحاول من خلاله قادته تغيير الأوضاع القائمة، فيما تعتبر تصريحاتهم حول تقسيم المسجد الأقصى، وتمكين اليهود من الصلاة فيه، خير دليل على نوايا الاحتلال المبيّتة، والتي سارع لتنفيذها ما يُسمّى وزير الأمن الداخلي في دولة الاحتلال جلعاد أردان. ولم تنفك سلطات الاحتلال ومنذ حادثة إحراقه، عن مهاجمة المرابطين في المسجد الأقصى، وفي كل يوم تحفر معاولها تحت أساساته وجدرانه، ساعية لتفريغه وتسهيل هدمه، فيما يردد المقدسيون والفلسطينيون دوماً أنّ «للبيت رب يحميه».

غطرسة

وفيما يعتقد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتانياهو، وأقطاب حكومته اليمينية المتطرفة، أن طريقه للفوز بالانتخابات القادمة، يأتي من خلال وضع عينه على القدس ومقدساتها، وفرض واقع جديد في المسجد الأقصى المبارك، فإنّ جنون الاحتلال وغطرسته، وإصراره على المساس بأولى القبلتين، وإجراءاته الظالمة والاستمرار في اللعب بالنار، كلها تدفع الأوضاع في الأراضي الفلسطينية نحو الانفجار، ما يقضي على أية بارقة أمل للحلول الدبلوماسية المستندة إلى الشرعية الدولية.

Email