دعم لم يتوقّف ساهم في صمود المدينة

القدس في وجدان الإمارات موقفاً وممارسة

ت + ت - الحجم الطبيعي

ظلت القدس حاضرة، بقوة وزحم، على أجندة القيادة الإماراتية، وهذا الحضور المكثّف، القديم قدم التاريخ، القوي بقوة العلاقات التاريخية بين الإمارات وفلسطين، تم التعبير عنه في مواقف عدة، بحيث أصبحت المدينة المقدسة عنصراً ثابتاً في المشاريع الإماراتية، كما هي حاضرة على الدوام في وعي وتفكير قيادة الإمارات.

حضور القدس هذا لا يأتي إطلاقاً على سبيل المجاملة أو رفع المعنويات، بل هو عبارة عن قناعة راسخة وضاربة في أعماق التاريخ، مارسها المؤسس المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، وسار على هديه أصحاب السمو حكام الإمارات، قولاً وفعلاً وسلوكاً.

علاقات عريقة وراسخة منذ القدم، امتدت جذورها في الأرض المباركة، وعكست أواصر الأخوّة والمحبة بين أبناء الإمارات وأشقائهم في فلسطين، والتي تجسدها خصال وسجايا عربية أصيلة، تحظى برعاية كريمة وتوجيهات مباشرة من القيادة السياسية في دولة الإمارات.

دعم وافر

ولما كانت مساعي الإمارات تتركز على تعزيز صمود الشعب الفلسطيني، فإن هذا التوجه توّج بدعم سخي ووافر لمدينة القدس، باعتبارها رمزية وتاريخية وعنواناً واضحاً للقضية الفلسطينية، وفي تعبير صريح عن المحبة الإماراتية للمدينة المقدسة، فإن المشاريع الإماراتية التي نفذت في المدينة، فاقت التزامات مؤتمر باريس الاقتصادي عام 2007، وكان أن انصبّ الجهد الإماراتي على ترميم معالم القدس القديمة، التي كانت تتعرض حينها لموجة ممنهجة من التهويد، فجاء الدعم الإماراتي ليعيد الجار إلى حمى جاره، والشقيق إلى حضن شقيقه.

يؤكد مستشار الرئاسة الفلسطينية للعلاقات الدولية، د. نبيل شعث، أن موقف الإمارات حيال القدس، ظل ثابتاً باعتبارها عاصمة أبدية لدولة فلسطين، منوّهاً بأن العلاقات الإماراتية الفلسطينية ظلت متينة عبر التاريخ، وكانت القدس على رأس سلم أولويات القيادة الإماراتية، وهذه الخصوصية، سار فيها الخلف على خطى السلف، فلم تتخل القيادة الإماراتية عن القدس، وعندما أعلن ترامب عن القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها، كانت الإمارات في مقدمة الدول الرافضة لهذا القرار، ولا يخفى على أحد، الدور الذي لعبته القيادة الإماراتية في دعم صمود المقدسيين، خلال معركة البوابات الإلكترونية قبل عامين.

وأكد شعث لـ«البيان» أهمية الدعم الإماراتي الأصيل والمتميز للقدس منذ احتلالها قبل 52 عاماً.

طوق نجاة

وفي الوقت الذي يعمل الاحتلال جاهداً لطمس المعالم العربية في القدس، فإن المواقف الإماراتية بمثابة طوق النجاة لها، كحال مستشفى المقاصد الخيرية الذي كاد يلفظ أنفاسه الأخيرة عام 1991، لولا الموقف العروبي الأصيل الذي جسده المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي قدم الدعم الوفير لهذا الصرح الطبي الشامخ، كي يواصل رسالته الإنسانية ويحافظ على مكانته كمؤسسة وطنية، تنبض في قلب القدس.

ويستذكر د. شعث، كيف أولى الشيخ زايد، رحمه الله، اهتماماً كبيراً بالقدس في تلك الفترة، فبادر لعقد مؤتمر «لأجلك يا قدس» في أبوظبي، بمشاركة وفود من دول عربية وإسلامية، لتوفير الدعم السخي للقدس، للإبقاء على صمودها.

وخلال الأشهر الأولى لانتفاضة الأقصى، وعندما ضاقت السبل بالعاملين في قطاع التعليم في القدس، وحالت إجراءات الاحتلال دون وصول المعلمين إلى مدارس المدينة، بادر الشيخ المؤسس طيب الله ثراه، لتشييد مدينة زايد السكنية في بلدة بيت حنينا، على مشارف القدس، ما كان له بالغ الأثر في التخفيف من معاناتهم، والإبقاء على المسيرة التعليمية في المدينة.

شواهد تاريخية

ويوضح مصطفى أبو زهرة، نائب رئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، أن الإمارات كانت لها مواقف خالدة، تجسدت بإقامة ودعم العديد من المشاريع الحيوية في القدس، وترميم أخرى في بلدتها القديمة، لتعزيز صمود أهلها، فدعمت بيت المسنين، ومراكز ذوي الهمم، والعديد من المؤسسات التعليمية والطبية.

وفيما كانت عائلات الشهداء في القدس، تتعرض للملاحقة من الاحتلال، في انتفاضة الأقصى 2000، وفقدت العديد من العائلات منازلها ومصادر أرزاقها، كان الدعم الإماراتي كالبلسم الشافي، إذ تبنى الشيخ زايد، رحمه الله، العشرات من الأسر المقدسية، فبنى المنازل وقدم الدعم المالي لتوفير العيش الكريم لعائلات الشهداء، بل إن المشاريع الإماراتية، امتدت إلى مشارف وبوابات القدس، ولعل أبرزها مسجد الشيخ خليفة بن زايد، الذي يرقب بمآذنه الشامخة، مآذن وقباب المسجد الأقصى المبارك.

Email