الأزمة تشـوش دبلومـاسيـة طهران: «حرب.. لا حرب»

بصمات وشظايا تدعم أدلة ضلوع إيران في هجمات خليج عمان

صورة للناقلة اليابانية يظهر فيها الثقب الذي أحدثه الهجوم الإرهابي | أ.ف.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

أعلن الجيش الأمريكي أنّ الهجوم على ناقلة النفط اليابانية في بحر عمان الأسبوع الماضي ناتج عن لغم بحري شبيه بألغام إيرانية، مشيراً إلى أنّه جمع بصمات من على الناقلة تتيح بناء «قضية جنائية» ضد المسؤولين عن الهجوم، فيما تستبق إيران فشل المحادثات مع الاتحاد الأوروبي حول آلية بيع النفط بالتوجه نحو روسيا والصين، وسط تعبير مسؤولين إيرانيين عن إحباطهم مما أسموه «تقاعس أوروبا»، في إشارة إلى مواقف أوروبية قوية ضد التهديدات الإيرانية خلال الأيام الماضية.

وعرضت البحرية الأميركية، شظايا لغم لاصق، ومغناطيس تم نزعه من إحدى الناقلتين اللتين تعرضتا لهجوم في خليج عمان، الأسبوع الماضي، وقالت إن الألغام المستخدمة تحمل «تشابهاً صارخاً» مع ألغام إيرانية. وتم عرض شظايا صغيرة قيل إنها انتُزعت من الناقلة كوكوكا كاريدجس وكذلك مغناطيس تردد أن فريق الحرس الثوري الإيراني الذي تفيد أنباء بظهوره في تسجيل مصور تركه.

وتعرضّت ناقلة نفط يابانية وأخرى نروجية الخميس الماضي لهجومين فيما كانتا تبحران قرب مضيق هرمز، الممر الاستراتيجي الذي يعبر منه يومياً نحو ثلث إمدادات النفط العالمية المنقولة بحراً. واتّهمت الإدارة الأميركية إيران بالوقوف خلف الهجومين.

وقال الكوماندر شون كيدو، من البحرية الأميركية، في لقاء مع صحافيين، إن «اللغم اللاصق الذي استخدم في الهجوم يمكن تمييزه، ويحمل أيضا تشابهاً صارخاً مع ألغام إيرانية عرضت على الملأ بالفعل في عروض عسكرية إيرانية». وأضاف: «التقييم هو أن الهجوم على الناقلة اليابانية كوكوكا كوريغوس، والضرر الذي ألحق بها، كان نتيجة ألغام بحرية زرعت على الغلاف الخارجي للسفينة». وأكد الضابط الأمريكي أن اللغم الذي انفجر «كان فوق المياه، ولا يبدو أن النية كانت إغراق السفينة»، مشيراً إلى لغم آخر ثبت على هيكلها الخارجي، وقد أزالته قوة إيرانية كانت على زورق سريع قبل انفجاره. وهي مقولة سبق للأميركيين أن أشاروا إليها.

بصمات أصابع

وأوضح أن تحقيقاً مشتركاً «يجرى مع شركائنا الإقليميين بشأن الهجوم على ناقلتي النفط في خليج عمان». كما قال إن فريق التحقيق في الهجوم على ناقلة النفط اليابانية في خليج عمان، تمكن من جمع بصمات لأصابع اليد من على هيكل الناقلة، تسمح ببناء «قضية جنائية» ضد «المسؤولين» عن الهجوم.

وتابع الضابط في القيادة الوسطى للقوات البحرية الأميركية، قائلا: «جمعنا معلومات بيومترية حتى هذه اللحظة، يمكن استخدامها لبناء قضية جنائية لمحاسبة الأفراد المسؤولين» عن الهجوم.

ونشر الجيش الأمريكي في وقت سابق صوراً قال إنها تظهر الحرس الثوري الإيراني يزيل لغماً لاصقاً لم ينفجر من الناقلة اليابانية كوكوكا كاريدجس التي تعرضت للهجوم مع الناقلة النرويجية فرنت ألتير يوم 13 من الشهر الجاري.

وعرض الجيش الأمريكي على الصحافيين قطعة مغناطيس قال إنها جزء من لغم، وشظايا، مشيراً إلى أنّها جمعت من السفينة. وسمح الجيش للمصوّرين بالإبحار على متن مركب تابع للبحرية الأميركية من الفجيرة وصولاً إلى الناقلة المتوقفة على بعد 14 كيلومتراً (40 دقيقة) من الساحل، من دون الصعود إلى متنها.

ولا يزال التوتر بين البلدين يتصاعد منذ أن شدّدت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العقوبات على قطاع النفط الإيراني بداية مايو الماضي، بعد عام من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي وقّعته القوى الكبرى وإيران.

وأعلن وزير الدفاع الأمريكي بالوكالة باتريك شاناهان الاثنين أنّ بلاده قرّرت إرسال ألف جندي إضافي إلى الشرق الأوسط، بعد قرار مماثل في مايو الماضي لإرسال 1500 جندي للمنطقة على وقع التوتر مع إيران.

ألمانيا: الحرب ممكنة

سياسياً، اعتبر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس أن خطر نشوب حرب لا يزال قائماً في الخليج، مشدداً على ضرورة الحوار مع جميع الأطراف.

وقال ماس إلى جانب نظيره الفرنسي جان ايف لودريان في باريس إن «الموقف، كما كان عليه من قبل، خطير. لم يتبدد خطر الحرب في الخليج». وقال ماس: «يجب أن نبذل كل ما في وسعنا للتأكد من أن الأمر لن يصل إلى ذلك الحد وأن نتحاور بالتالي مع جميع الأطراف». وأضاف أن مثل هذا الحوار ضروري لإنهاء التصعيد والبحث عن حلول قابلة للتطبيق.

وتعتزم بريطانيا وفرنسا وألمانيا، التي تكون معا مجموعة معروفة باسم (إي 3)، القيام بمسعى جديد لبقاء إيران في الاتفاق النووي المبرم عام 2015 رغم تلويح طهران بمخالفة أحد القيود الرئيسية المفروضة عليها. لكن دبلوماسيين قالوا إن الدول الثلاث ربما اقتربت من نهاية الطريق الدبلوماسي الذي بدأته قبل أكثر من 15 عاماً. وتسعى دول (إي 3) للحفاظ على الاتفاق بين القوى الكبرى وإيران منذ أن انسحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منه العام الماضي وبدأ في إعادة فرض العقوبات الأمريكية‭‭ ‬‬على طهران.

إحباط من أوروبا

في الأثناء، نقلت وكالة تاس الروسية للأنباء عن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني قوله إن طهران تجري محادثات مع روسيا والصين بشأن آلية محتملة للتسوية في حال فشل المحادثات مع الاتحاد الأوروبي بشأن الاتفاق النووي. وقالت إيران في مايو الماضي إنها ستقلص الالتزام بالاتفاق النووي الذي أبرمته مع الصين وروسيا وقوى عالمية أخرى في عام 2015. وأضافت إيران أنها ستبدأ تخصيب اليورانيوم بمستوى أعلى ما لم توفر الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق الحماية لاقتصادها من العقوبات الأمريكية في غضون 60 يوماً.

من جهته، قال الناطق باسم منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، بهروز كمالوندي، إن طهران مستعدة للمضي في تهديدها بتخصيب اليورانيوم بمستوى أعلى إذا لم تتدخل أوروبا وذلك في خطوة تنتهك بنود الاتفاق النووي. وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن التصرفات التي أقدمت عليها بلاده تمثل «الحد الأدنى» من الإجراءات التي يمكن لها اتخاذها بعد عام من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق لكنه قال إنه يمكن العدول عن تلك الإجراءات. وأضاف روحاني خلال اجتماع للحكومة نقله التلفزيون الرسمي «إذا لم تنفذ مطالبنا سوف نتخذ إجراءات جديدة بعد 60 يوماً اعتبارا من 8 مايو، معبراً عن أسفه لأن«أساس وروح الاتفاق تضررت بشكل كبير من قبل أطراف أخرى»، في إشارة إلى موقف الدول الأوروبية الذي بدأ يتغير في ظل تصاعد التهديدات الإيرانية.

تشوش دبلوماسي

أصابت الأزمة الدبلوماسية الإيرانية التي تعاني من خلخلة وتضارب في القراءات. فبينما يجزم مسؤول إيراني أنه لا حرب، يأتي آخر ويتحدث عن اقتراب وشيك للمواجهة. وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني:«لن تكون هناك مواجهة عسكرية بين إيران وأمريكا حيث لا يوجد سبب لنشوب حرب»، إلا أن تصريحات لمسؤولين آخرين تقول عكس ذلك. وقال حامد بعيدي نجاد، سفير إيران في بريطانيا، إن الأمور تتجه صوب مواجهة مباشرة، داعياً الإدارة الأمريكية إلى عدم التقليل من شأن عزم الإيرانيين».

Email