تقارب روسي أمريكي لحل الأزمة السورية تعكّره العقدة التركية

أسرة سورية نازحة تجلس في بستان زيتون في بلدة أطمة بإدلب | رويترز

ت + ت - الحجم الطبيعي

حملت تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بعد لقائه الأخير بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي إشارات، التقط مراقبون من خلالها بوادر تقارب، وإن كان طفيفاً بين مواقف البلدين، في مقاربة الأزمة السورية.

وتكمن أهمية لقاء بوتين- بومبيو، والتصريحات الإيجابية التي صدرت في ختامها عن المسؤولين من كلا البلدين، كونها تأتي في ذروة التوتر في العلاقات بين البلدين، سواء في الملفات الخلافية المباشرة كالعقوبات الغربية ضد موسكو والأزمة الأوكرانية والتسلح، أو في الخلافية بـ«الوكالة»، كالتناقض في سوريا وفنزويلا وكوريا الشمالية. هذه الخلافات، وإن لم تُطفأ جذوتها، حتى بعد «تبرئة» موسكو في مزاعم التدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، كما جاء في تحقيق المدعي الخاص روبرت مولر، إلا أن الملف السوري قد يشكل حالة استثنائية – وفق مراقبين.

تقارب.. ولكن

في تعقيدات الأزمة السورية، والمقاربة الأمريكية – الروسية المتناقضة لها، يبرز بوضوح العامل التركي، الذي يعد أحد أبرز عناصر «إدامة الأزمة»، والتي تتحمل أنقرة جزءاً كبيراً منها، بسبب دعمها المباشر للجماعات المسلحة، لا سيما في الشمال السوري، من جهة، ومن جهة أخرى عدم وفائها بالتزاماتها المبنية على تفاهمات أستانا، بخصوص مناطق خفض التصعيد، والفصل بين القوى الإرهابية، من جهة، والأخرى - المعتدلة - والجاهزة لمناقشة الحل السياسي، من جهة أخرى.

وبحسب المحلل السياسي الروسي سيرغي بيرسانوف، فإن إدراك «ستاتيكو» التوازن بين أوراق موسكو وواشنطن في سوريا، وتصريح بوتين بأنه يرغب في «تطبيع كامل» للعلاقات مع واشنطن، سيؤدي منطقياً إلى محاولات صياغة حل، يقوم على تنفيذ أكثر جدية لتفاهمات سوتشي وأستانا، بخصوص الأزمة السورية، وهو ما سيسبب صدمة جيوسياسية لأنقرة.

بين إس- 400 وإف 35

ويتابع بأن ذلك سيؤدي بالتالي إلى إضعاف أوراق أردوغان، ولا سيما في شمال سوريا، والتي يستمدها من سيطرته على قرار وتوجهات الجماعات المسلحة التي ترفض الحل السياسي للأزمة.

ويشير إلى أن «تاريخ استهلاك» تركيا لمروحة التناقضات الروسية الأمريكية سيقترب من نهايته، لأن الوقائع الميدانية في سوريا تثبتت يوماً بعد يوم أن عملية احتضار الجماعات الإرهابية التابعة لتركيا قد بدأت، وأن التأثير التركي تراجع بشكل ملحوظ أمام هذه التطورات.

وفي هذا السياق يؤكد الخبير الروسي على أن أردوغان يقوم بمغامرة غير مدروسة في ابتزاز واشنطن بالحصول على منظومة إس- 400 الروسية، لأن الكونغرس الأمريكي سيقوم في هذه الحالة بمنع تسليم تركيا طائرات إف- 35، أما روسيا فقد تضطر نتيجة أي خلل سياسي تركي لإعادة النظر في منح تركيا منظومة الدفاع الصاروخية.

شريك أم خصم؟

أما الخبير في الشأن الروسي عباس جمعة، فقال لـ«البيان»، إن تعطيل الحل السياسي في سوريا لطالما كان المحرك لممارسات ومواقف حكومة أردوغان في هذا الملف. ولفت عباس إلى أن تصريحات الرئيس التركي المتكررة، وتفاهماته خصوصاً مع الجانب الروسي، كانت تصب دائماً في خانة مكافحة الجماعات الإرهابية التي تخضع فعلياً لتوجيهات أنقرة، لكنه لم يفعل ذلك، بل استفحلت الأزمة، كما حصل في إدلب، التي برأيه أصبحت واحدة من أخطر المناطق على خريطة الشرق الأوسط، والرقعة الأهم حالياً على طاولة الشطرنج السورية.

احتلال

أوضح الخبير في الشأن الروسي عباس جمعة أن دور تركيا في هذه المنطقة يصعب من عملية تحرير المناطق من المجموعات الإرهابية، فضلاً عن الوجود العسكري التركي المباشر هناك، والذي لا يمكن وصفه إلا بالاحتلال المباشر، الذي لا يختلف عن احتلال إسرائيل للجولان.

Email