خبراء فرنسيون لـ«البيان»: التجارة العالمية في خطر.. والتقاعس عن المحاسبة يزيد الأمور تعقيداً

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

ندد خبراء دوليون بالحادث التخريبي الذي استهدف 4 سفن في المياه الاقتصادية الإماراتية وبالقرب من المياه الإقليمية في خليج عُمان، الأحد الماضي، محذرين من خطورة الحادث على الاقتصاد العالمي وحركة نقل وتجارة النفط واستقرار الأسعار، إضافة إلى التأثيرات القريبة والبعيدة المدى على أمن الخليج واستقرار الأسواق العالمية، مطالبين في تصريحات خاصة لـ«البيان» بتحرك المجتمع الدولي بشكل سريع وناجع لحفظ الممرات البحرية الدولية وممرات الطاقة وضمان سلامة وأمن النقل البحري، وردع المخربين والأنظمة الداعمة والمُحركة لهم أي كانوا وبأي ثمن، كونه إرهاباً واضحاً يستهدف جميع دول العالم دون استثناء.

حادث خطير

وقال رفاييل ديشان، مدير التدريب في وكالة حماية السفن والنقل البحري (ISPS)، إن حادث استهداف أربع سفن شحن تجارية في المياه الإقليمية بخليج عُمان، خطير وفق جميع الأبعاد والمقاييس، رغم كونه ليس الأول في المنطقة أو على طول الممر البحري الرابط من البحر الأحمر حتى الخليج العربي، وهي منطقة تجارية مهمة خاصة بالنسبة لسوق الطاقة العالمي، ويبدو من ملامح الحادث التخريبي أنه تم التخطيط له بعناية حيث تم في المياه الإقليمية في مقابلة ميناء الفجيرة الإماراتي، لكنه داخل المياه الاقتصادية الإماراتية وهي تمتد وفق معاهدة جامايكا 1982 أو ما يسمى قانون البحار لـ200 ميل بحري، أي أن الحادث وقع داخل زمام سلطة دولة الإمارات، لكنه خارج مياهها الإقليمية «نطاق 12 ميلاً بحرياً».

هذا يعني أن الحادث يخص المجتمع الدولي، كون المنطقة الاقتصادية الخالصة لا تخضع لسيادة الدول الساحلية بنسبة مائة في المائة كما هو الحال بالنسبة للمياه الإقليمية أو الداخلية، فبالنسبة لموانئ دولة الإمارات فهي مؤمنة جيداً وتحميها الإمارات بشكل جيد، لكن المياه الاقتصادية أو الإقليمية هي مسؤولية المجتمع الدولي، لذلك يصبح إلزاماً على عليه التحرك بشكل سريع لحماية الممر الملاحي الدولي، وفرض الأمن والاستقرار لحركة الملاحة الدولية وضمان تدفق شحنات النفط إلى السوق العالمي بسلام، هذه مسؤولية الأمم المتحدة والقوى الدولية وجزء مهم من جهود محاربة الإرهاب، بل الجزء الأخطر والأهم.

جريمة تهدد المجتمع الدولي

وأشار هانري جوميز، أستاذ القانون التجاري بجامعة السوربون في باريس، إلى أن الحادث التخريبي الذي وقع في خليج عُمان، الأحد، جريمة دولية وفق اتفاقية «قمع الأعمال غير المشروعة الموجهة ضد سلامة الملاحة البحرية»، المعروفة باسم قانون «سوا» الصادرة عام 1988م، ودخلت حيز التنفيذ في مارس 1992م، وادخل العديد من التعديلات عليها آخرها في يوليو 2010، جميعها تحصر العمل التخريبي الذي وقع في المياه الاقتصادية الإماراتية والمياه الدولية بخليج عُمان، في نطاق «الأعمال غير المشروعة التي تهدد سلامة وأمن الركاب والطواقم» الذي بذلت الجمعية العمومية للمنظمة البحرية الدولية منذ عام 1980 جهوداً جبارة لحمايتها، وأوكل للجنة السلامة البحرية «MSC» مهمة التحقيق والبحث حول مثل هذه الجرائم، وفي هذه المنطقة تحديداً «الخليج العربي وخليج عُمان وبحر العرب ومضيقي هرمز وباب المندب» هناك أيادٍ تخريبية معلومة للمجتمع الدولي تسعى منذ عام 2015 لتعطيل حركة الملاحة الدولية، والحادث -رغم عدم إعلان نتيجة التحقيقات- يبدو تخريبياً متعمداً تكشفه مجموعة من المعطيات الواضحة في المنطقة، وأهمها خلق حالة من التوتر والهرج وربما الإنذار غير المباشر بتعطيل الممر الملاحي الدولي ووقف تدفقات النفط الخليجي لأوروبا وأمريكا، في رد على قرار وقف تصدير النفط الإيراني.

وعلى أي حال فإن هذه الجرائم «غير المسؤولة» من شأنها تهديد المجتمع الدولي بالكامل وليس أمريكا أو الخليج فقط، وعلى دول الغرب تحديداً والمجتمع الدولي التحرك السريع للتصدي لهذه الجرائم المكشوفة ومحاسبة المسؤولين عنها وفق بنود القانون الدولي والمعاهدات والمواثيق الدولية، كون الملاحة الدولية ليست ورقة ضغط يُسمح لأحد باللعب بها، أو تهديدها لأي هدف أو تحت أي مبرر.

رسالة واضحة

وأشار فرانك توديبو، الضابط السابق بالبحرية الفرنسية، إلى أن المياه الإقليمية هي منطقة المسطحات المائية «بحار ومحيطات وأنهار» التي تمتلكها الدول وتفرض سيادتها عليها بالكامل كأي قطعة أرض برية داخل حدودها، ومساحة أو نطاق المياه الإقليمية 12 ميلاً بحرياً، أما المياه الاقتصادية فهي مساحة أو نطاق تابع للدول الساحلية يمتد لـ200 ميل بحري وفي بعض الحالات حتى 350 ميلاً بحرياً، وهي منطقة انتفاع اقتصادي وملاحي وتجاري للدول وليس سيادة كاملة مثل المياه الإقليمية.

وبالتالي فإن استهداف العملية التخريبية للسفن التجارية الأربع في المياه الاقتصادية الإماراتية أمراً خطيراً جداً، لا يستهدف دولة الإمارات فقط ولا موانئها، وإنما يستهدف المجتمع الدولي بالكامل، وهو رسالة موجهة لواشنطن وأوروبا، مفادها مصالحكم في خطر، هذه الرسالة ليس لها إلا مصدر واحد، لا نريد استباق الأحداث والتحقيقات، لكن الأمر بديهي.

لاسيما لو تم ربطه باستهداف سفن نفط سعودية في خليج هرمز خلال شهر يوليو 2018، واستهداف سفن أخرى في بحر العرب، هذا يعني أن جهة واحدة لها أذرع على ساحل الممر البحري الدولي من مضيف هرمز حتى مضيق باب المندب تريد أن تلاعب أمريكا وأوروبا من أجل وقف العقوبات الأمريكية عليها، وإجبار أوروبا على اتخاذ مواقف لصالحها، لذلك فإن المجتمع الدولي مطالب أكثر من أي وقت مضى لوقف هذا العبث، وفرض الأمن والاستقرار والأمان على الممرات البحرية.

تحذير مسبق

حذّرت الإدارة الأميركية للملاحة البحرية، يوم الخميس الماضي، من هجمات إيرانية قد تستهدف سفناً تجارية أميركية، بما يشمل ناقلات نفط، أثناء إبحارها عبر الممرات المائية في منطقة الشرق الأوسط، في إطار التهديدات التي تمثلها طهران لمصالح الولايات المتحدة.

وقالت الإدارة الأميركية للملاحة البحرية في مذكرة إن احتمالات اتخاذ إيران أو وكلائها في المنطقة إجراءات ضد مصالح الولايات المتحدة وشركائها تزايدت منذ بداية الشهر الجاري. وأضافت أن تلك المصالح تشمل البنية التحتية لإنتاج النفط، بعد أن هددت طهران بإغلاق مضيق هرمز الذي يمر منه نحو ثلث الخام المنقول بحراً في العالم.

Email