تقارير البيان

لبنان في دوّامة الفوضى الشاملة وتدخّل رئاسي لـ«لملمة» الوضع

ت + ت - الحجم الطبيعي

غداة إطلالة رئيس الحكومة سعد الحريري، أول من أمس، لطمأنة اللبنانيين بأنّ لبنان بعيد من الإفلاس، خفّت حدّة الشائعات التي كانت ملأت البلد من أقصاه إلى أقصاه، ‏ذلك أنّ المصارف التي امتنعت عن تسليم عملائها مبالغ كبيرة ساهمت ببثّ جوّ من القلق، ترافق مع إعلان بورصة بيروت ‏توقّفها عن العمل بسبب تداعيات إضراب موظّفي مصرف لبنان على عملها، ما أثار حالة من الهلع دفعت مواطنين ‏بأعداد كبيرة إلى الاصطفاف أمام آلات الدفع وأجهزة الصراف الآلي، بدافع الحصول على الدولار.

و تردّدت معلومات مفادها أنّ الرؤساء الثلاثة، ميشال عون ونبيه برّي وسعد الحريري، خرجوا بصيغة غير معلنة للإضرابات والإحتجاجات، يتحملون مسؤولية ‏متابعتها لسحب فتيل الشارع، والمضيّ في الخطوات الإصلاحية لموازنة العام الجاري.

‎وسط هذه الأجواء، أرجأ مجلس الوزراء البحث بكلّ المواد التي تتعلق بموظّفي القطاع العام والمؤسّسات العامة والعسكريين إلى يوم الجمعة المقبل. ذلك، أنّ كلّ ما في الأمر، بحسب تأكيد مصادر وزارية لـ«البيان»، أنّ الحكومة تدرس موازنة جديدة، في ضوء توجّه تقشّفي عام، أسبابه الإصلاحية باتت معروفة، وأنّ القطاعات التي تشعر أنّ التقشّف قد يطالها، بشكل أو بآخر، تتحرّك، وأنّ تحرّكها يصل أحياناً إلى حدّ الإضراب، ما يؤدي بشكل طبيعي إلى شلل في بعض المرافق، حذّر منه رئيس الحكومة عبر مذكرته التي لفت فيها انتباه الموظفين إلى واجباتهم بمقتضى القانون.

المشهد العام

إنها الفوضى شبه الشاملة، والجميع ناقم على الجميع، والجميع يحتجّ ضدّ الجميع: موظّفو المصرف المركزي علّقوا إضرابهم المفتوح حتى يوم الجمعة المقبل، أساتذة الجامعة يعتصمون، مستخدمو الضمان تظاهروا أمام المركز الرئيسي للضمان، عمال المرفأ مستمرّون في الإضراب، موظفو المؤسّسات العامة والمصالح يلوّحون بالتصعيد، المتقاعدون العسكريون في حال غليان، القضاة منهم مع الاعتكاف حتى اليوم ومنهم ضد الاعتكاف، لكنهم في الحالين ضدّ ما تنويه السلطة السياسية من إجراءات تستهدف السلطة القضائية. وهكذا، لا يزال الأسبوع الجاري دقيقاً وخطراً بكلّ المقاييس.

وفي حقيقة الواقع اللبناني، فإنّ لا جديد يُقال. فنقاش الموازنة مستمرّ، وما علق في أذهان اللبنانيين عبر تصريحات السياسيين يفيد بأنّ النقاش لا يزال طويلاً، فيما لا تزال أنظار الدول المعنية بالشأن اللبناني، لا سيما الأوروبية والخليجية، تترقّب ما سيؤول إليه مشروع الموازنة الخاضع للنقاش في مجلس الوزراء لتنبري بعد ذلك إلى اتخاذ الخطوات ذات الصلة، إن بالنسبة إلى وضع مقرّرات «سيدر» موضع التنفيذ، ربطاً بالإصلاحات المطلوبة، أو في ما يتصل بالزيارات الخليجية وحركة السياح خلال موسم الصيف والاستثمارات المرتقبة.

وسواء اعترف المسؤولون أم لا، فإنّ الحكومة والبلاد في ورطة. فالحكومة اللبنانية واقعة بين مأزقين أحلاهما مرّ، فهي من جهة أولى مطالبة بتنفيذ إصلاحات تعهّدت بإجرائها أمام المجتمع الدولي، وبالتالي خفض الإنفاق ما أمكن، وهي من جهة ثانية محاصرة بأصوات الناس الذين يرفضون أيّ مسّ بمداخيلهم التي تكاد لا تكفيهم في وضعها الراهن.

موازنة

شكّلت الموازنة وتفاعلاتها محور رسالة وجّهها مفتي لبنان الشيخ عبد اللطيف دريان إلى اللبنانيين بمناسبة شهر رمضان المبارك، فدعا إلى أن يكون عصر النفقات وضبطها هو الأساس في بنود الموازنة، و«اتّباع سياسة التقشّف، ومقاومة الفساد والهدر، وإجراء إصلاحات جذرية في مؤسّسات الدولة، ومحاسبة كلّ مقصّر أو متهاون في عمله».

وقال: «كفى لبنان مزايدات، ولا يحاول أحد أن يوقع لبنان في الفرقة أو التباين بين قياداته، ومع وطنه العربي، بخاصة الأشقاء في دول الخليج العربي، لأنّ ذلك لا نحصد منه إلا مزيداً من البلبلة والضياع».

Email