حكومة لبنان أمام أزمة الموازنة وضغوط الشارع

ت + ت - الحجم الطبيعي

اتجهت الأنظار إلى انطلاق استحقاق إقرار موازنة العام الجاري في لبنان، باعتباره اختباراً بالغ الخطورة للحكومة إزاء إثبات قدرتها ‏على إدارة إحدى أخطر الحقب التي يمر بها لبنان، على الصعيدين الاقتصادي والمالي، وما يستتبعهما من تداعيات ‏اجتماعية.

ذلك أنّ استحقاق تماسك ‏الحكومة قد يوازي بجدّيته وخطورته القدرة على إقرار موازنة تقشفية تخط ‏مسار احتواء الأزمة القائمة، قبل إحالتها إلى المجلس النيابي، حيث يفترض أن ‏يتم التصديق على المشروع قبل 31 من الجاري.

وباتت الطبقة السياسية في لبنان وجهاً لوجه أمام واحدة من أخطر المشكلات البنيوية، ليس على المستويات المالية والنقدية والاستثمارية، بل أيضاً على المستويات الاجتماعية والاقتصادية. ومرد الصعوبات يعود إلى أن المناقشة تتم لموازنة مع أحد أثقل أعباء الدين العام في العالم وتدني معدلات النمو لسنوات.

‎أما استحقاق التماسك الحكومي، فأملاه نزول العسكريين المتقاعدين إلى الشارع، أول من أمس، ما رسم علامات استفهام كثيرة تجاوزت في بعض نواحيها الجانب التحذيري للحكومة من المس بالرواتب والمعاشات ‏التقاعدية للمتقاعدين العسكريين.

وعلى وقع البدء بدرس مشروع موازنة 2019 في مجلس الوزراء، وسط تزايد الكلام عن «قرارات موجعة» ستنطوي عليها هذه الموازنة وتطاول موظفي القطاع العام وقطاعات أخرى، أنذر الحراك الاحتجاجي والمطلبي الذي شهده الشارع في لبنان، خلال اليومين الفائتين، بأنه ستكون له صولات وجولات في الأيام والأسابيع المقبلة.

وسط احتجاجات واعتصامات موظفي القطاع العام، تقدمهم قدماء القوى المسلحة ومعلمو الرسمي، ووسط حرص على تحقيق جملة من ‏الشروط التي وضعها مؤتمر «سيدر»، وذلك من دون إبطاء، حضرت موازنة العام 2019 أمام مجلس الوزراء في أولى جلساته، التي قد تمتد، على أن تحال إلى مجلس النواب لتأخذ طريقها إلى ‏الإقرار.

وفيما أعدت القوى السياسية عدتها لخوض هذا الاستحقاق في مجلس الوزراء، بدءاً من يوم أمس، تجدر الإشارة إلى أن موجة من الإرباك، على كل المستويات الوظيفية، تجتاح البلد، حيال الغموض الذي يسود الأرقام ‏الحقيقية للموازنة، وسط تساؤلات حول القطاعات التي ستشملها التخفيضات في الرواتب والتقديمات، والنسب التي سيتم ‏اقتطاعها.

وذلك، وسط تأهب الجميع: دول «سيدر» متأهبة لتعرف إذا كانت حسابات حقلها ستطابق بيدر مجلس الوزراء. المصارف متأهبة لتعرف إذا كانت يد السلطة التنفيذية ستمتد إلى ودائعها. المتقاعدون متأهبون ليعرفوا إذا كانت الاقتطاعات ستطاول معاشاتهم التقاعدية. أما الحكومة، فـ«محشورة» في الزاوية أولاً، لأنها مرغمة على خفض الإنفاق في ظل العجز عن رفع الإيرادات.

 

Email