المحتجّـون يرفضـون ويؤكـدون المضـي حتـى اقتلاع النظام بالكامل

الجيش السوداني يطيح البشير ويشكّل مجلساً عسكرياً لإدارة البلاد

سودانيون يعتلون أحد الجسور أمام قيادة الجيش بعد إعلان إطاحة البشير | أ.ب

ت + ت - الحجم الطبيعي

لمشاهدة الغرافيك بالحجم الطبيعي اضغط هنا

 

أطاحت القوات المسلحة السودانية، أمس، بالرئيس عمر البشير الذي حكم البلاد على مدى 30 عاماً، وأعلنت عن تشكيل مجلس عسكري لإدارة شؤون الدولة فترة انتقالية مدتها عامان تتبعها انتخابات.

وأعلن وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف «اقتلاع» نظام البشير، واعتقاله والتحفظ عليه «في مكان آمن»، وتعطيل الدستور، وتكوين مجلس عسكري انتقالي يحكم البلاد عامين، وأعلن حالة الطوارئ ثلاثة أشهر، وفرض حظر التجوال لمدة شهر من الساعة العاشرة مساءً حتى الرابعة صباحاً. وفور إعلان البيان، سارعت المعارضة إلى رفضه، واعتبرته «انقلاب قصر»، وقالت لجنة الأطباء المركزية، إحدى مكونات «تجمع المهنيين السودانيين» الذي يقود الاعتصام، إن «الثورة مستمرة»، فيما سارع المعتصمون لرفض البيان، وأعلنوا استمرار اعتصامهم إلى حين تحقيق مطالبهم الممثلة في وثيقة «الحرية والتغيير»، وتنص على تكوين حكومة مدنية انتقالية، توقف تدهور الأوضاع في البلاد، وتعد دستوراً دائماً، وتقيم انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة.

وقال ابن عوف، الذي يشغل في الوقت ذاته رئيس اللجنة الأمنية العليا التي كوّنها البشير لمواجهة الأزمة، في كلمة أذاعها التلفزيون الرسمي: «أعلن أنا وزير الدفاع اقتلاع ذلك النظام والتحفظ على رأسه في مكان آمن واعتقاله»، مشيراً إلى أن القوات المسلحة اضطرت إلى تنفيذ ما يتحسب له رأس النظام وتحملت المسؤولية، استجابة لطلب الشعب السوداني بـ«اقتلاع» البشير، وتكوين مجلس عسكري انتقالي يحكم البلاد، قائلاً إن المجلس سيلتزم «تهيئة المناخ للانتقال السلمي للسلطة وبناء الأحزاب السياسية وإجراء انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية». وانتقد ابن عوف «عناد النظام» وإصراره خلال الأشهر الماضية على «المعالجات الأمنية» في مسألة الاحتجاجات الشعبية ضده.

كما أعلن وزير الدفاع حلّ مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء وحكومات الولايات، وأن يتولى وكلاء الوزارات وولاة الولايات تسيير العمل بالدولة، والبرلمان الاتحادي ومجالس الولايات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وتهيئة المناخ للانتقال الديمقراطي السلمي للسلطة. وعلّق ابن عوف الدستور الانتقالي لعام 2005، وفرض حالة الطوارئ في البلاد لمدة 3 أشهر، وفرض حظر تجوال في البلاد لمدة شهر من العاشرة مساءً إلى الرابعة صباحاً.

وأعلن وزير الدفاع إغلاق أجواء البلاد «لمدة 24 ساعة» والمداخل والمعابر الحدودية «حتى إشعار آخر». وأكد تأمين المؤسسات الحيوية والمرافق الحيوية والخدمات بكل أنواعها. كما أعلن الوزير وقف إطلاق النار الشامل في جميع ربوع البلاد.

وقرر وزير الدفاع استمرار عمل السفارات والبعثات والهيئات الدبلوماسية المعتمدة بالسودان وسفارات السودان الخارجية والمنظمات، مؤكداً الالتزام بعلاقات حسن الجوار، والحرص على علاقات دولية متوازنة تراعي مصالح السودان العليا وعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى.

ولاحقاً،أفاد التلفزيون السوداني أن عوض بن عوف أدى القسم رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي و كمال عبدالمعروف الماحي نائباً له بعد أن كشفت مصادر أن المجلس سيتكون من 12 شخصاً.

حراسة مشددة

وصرحت مصادر سودانية بأن البشير (75 عاماً) موجود في قصر الرئاسة تحت حراسة مشددة. وقال أحد أبناء الصادق المهدي زعيم حزب الأمة، وهو حزب المعارضة الرئيسي، لقناة «الحدث» التلفزيونية، إن البشير محتجز مع عدد من قيادات جماعة الإخوان. وأفادت المصادر باعتقال أكثر من 100 شخصية سياسية وعسكرية وحزبية منهم أعضاء المكتب القيادي لحزب المؤتمر الوطني الحاكم.

وطالت الاعتقالات، حسب المصادر، كلاً من رئيس الحكومة، محمد طاهر أيلا، والنائب الأول السابق للبشير، علي عثمان محمد طه، ووزير الدفاع الأسبق، الفريق عبد الرحيم محمد حسين.

وتشمل الأسماء المرشحة لخلافة البشير، وزير الدفاع، الذي كان مديراً سابقاً للمخابرات العسكرية، إضافة إلى رئيس الأركان السابق عماد الدين عدوي.

ويتردد أن عدوي شخصية تفضّلها دول جوار على خلاف مع البشير بسبب توجهاته.

وكان الآلاف تدفقوا على موقع الاعتصام المناهض للحكومة أمام وزارة الدفاع، أمس، بينما خرجت حشود ضخمة إلى شوارع وسط الخرطوم ابتهاجاً بنبأ تنحية البشير وأخذت تهتف بشعارات مناهضة له. وهتف المحتجون: «سقطت سقطت.. انتصرنا».

ودعا المحتجون إلى تشكيل حكومة مدنية، وقالوا إنهم لن يقبلوا بإدارة تقودها رموز عسكرية وأمنية أو مساعدون للبشير.

وقال عمر صالح سنار، القيادي في تجمع المهنيين السودانيين، المنظم الرئيس للاحتجاجات ضد البشير: «لن نقبل إلا بحكومة مدنية انتقالية مكونة من قوى إعلان الحرية والتغيير».

وجاء في بيان لقوى إعلان الحرية والتغيير: «نفّذت سلطات النظام انقلاباً عسكرياً تعيد به إنتاج ذات الوجوه والمؤسسات التي ثار شعبنا العظيم عليها»، مضيفاً: «يسعى من دمروا البلاد وقتلوا شعبها إلى أن يسرقوا كل قطرة دم وعرق سكبها الشعب السوداني العظيم في ثورته التي زلزلت عرش الطغيان». وأضاف: «أننا نرفض ما ورد في بيان انقلابيي النظام هذا، وندعو شعبنا العظيم إلى المحافظة على اعتصامه الباسل أمام مباني القيادة العامة للقوات المسلحة وفي بقية الأقاليم وللبقاء في الشوارع في كل مدن السودان». وطالب بـ«حكومة انتقالية مدنية تعبر عن قوى الثورة».

وأفاد مصدر كبير في تجمع المهنيين بأن التجمع رفض بيان وزير الدفاع ودعا المحتجين لمواصلة الاعتصام الذي بدأ يوم السبت أمام وزارة الدفاع. وأضاف: «ندعو الثوار لمواصلة الاعتصام... بيان ابن عوف استنساخ جديد لنظام الإنقاذ... نرفض البيان بصورة كاملة».

وقال كمال عمر، وهو طبيب من المحتجين عمره 38 عاماً: «سنواصل الاعتصام حتى ننتصر». كما قال عادل علي، أحد المحتجين: «ما الفرق بين البشير وعوض بن عوف، فقد كان نائبه الأول حتى أمس»، مضيفاً: «هذا البيان يعني أن كل جهدنا وشهدائنا الذين قدمناهم خلال أربعة أشهر ضاع، ولكننا لن نغادر هذا الميدان. سنواصل ثورتنا».

وانتشرت قوات في محيط وزارة الدفاع وعلى الطرق والجسور الرئيسة بالعاصمة. ودهم جنود مقر الحركة الإسلامية، وهي العنصر الرئيس في حزب المؤتمر الوطني الحاكم. وقال شهود إن محتجين هاجموا أيضاً مقر جهاز الأمن والمخابرات الوطني في مدينتي بورسودان وكسلا بشرقي البلاد. وأعلن جهاز الأمن والمخابرات: «إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين في كل أنحاء البلاد»، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء السودانية الرسمية.

وأكدت مصادر إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين والمتظاهرين بالعاصمة والولايات. وقال متظاهر اعتقل بولاية شندي إنه أطلق سراحه وآخرون.

 

Email