إيريك دوجردان: السجن غيّر حياتي من معادٍ للمهاجرين لمدافع عنهم

■ إيريك دوجردان

ت + ت - الحجم الطبيعي

«الدنيا مدرسة، يخضع الإنسان لدروسها يومياً، بعض الدروس تكون قاسية ونقطة تحول في حياة الإنسان، حيث يتحول الشخص نتيجة موقف أو تجربة من الموقف لنقيضه تماماً بمقياس 180 درجة» .. هكذا تعلم إيريك دوجردان، المحامي الفرنسي الشاب الذي حكم عليه بالحبس لمدة شهر وغرامة 10 آلاف يورو عام 2015 في قضية اضطهاد عنصري وتعدٍ على مهاجر ينحدر من دولة السنغال، وداخل السجن تعامل مع مهاجرين عن قرب، عاش معهم وخالطهم واستمع لهم، فبدل فكرته عن المهاجرين وعن مواطني دول إفريقيا، ليخرج إريك من السجن بعد 30 يوماً وقد استوعب الدرس ليكرس حياته للدفاع عن المهاجرين وطالبي اللجوء، ليس هذا فحسب.. بل ومجاناً !.

فكرة خاطئة

هذا موجز الحكاية.. أما التفاصيل فيسردها إيريك دوجردان، المحامي خريج كلية الدراسات القانونية بجامعة «سوروبون» بباريس لـ«البيان» قائلا: كنت أكره المهاجرين الأفارقة، كنت وقتها كالمجنون، أرى مهاجراً فأصرخ قائلاً «عبد.. بربري.. همجي»، أفعل هذا بكل همجية !.. الغريب في الأمر أن هذا التصرف بلا سبب، لم أتعرض أبداً لأي أذى من مهاجر، فقط تأثرت بما ردده الإعلام بعد حادث الهجوم على صحيفة شارلي إبيدو في يناير 2015، تأثرت بحسابات التواصل الاجتماعي المغرضة والمحرضة، وهذه كانت خطيئتي الكبرى.

اعتداء

أعترف أنني كنت في غاية السذاجة.. قالها إيريك قبل أن يكمل تفاصيل حكايته قائلا: في أبريل عام 2015، كانت أحداث الهجوم الإرهابي على صحيفة «شارلي إبدو» مازالت ساخنة، وأيضا أعمال إرهابية أخرى ضربت فرنسا، كانت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تعج بالكراهية ضد المهاجرين، في تلك الأثناء - أبريل 2015- ذهبت إلى مطعم شهير في باريس لتناول طعام الغداء، وهناك وجدت عاملاً افريقياً مهاجراً يسألني عن طلبي، فهاجمته ووصفته بالهمجي، وتطور الأمر لأن قمت بضربه بكوب زجاجي فارغ كان على الطاولة أمامي، فطلبت إدارة المطعم الشرطة، وتم إحالتي للقضاء وحكم علىّ بشهر حبس وتعويض 10 آلاف يورو، زادت كراهيتي للمهاجرين أكثر، وداخل السجن وجدت معي 12 سجيناً أفريقياً، وهنا تعلمت الدرس.

درس عملي

يختتم إيريك، عايشت هؤلاء المهاجرين، استمعت لحكاياتهم، وجدتهم طيبين محبين للغير، سألني أحدهم لماذا تكرهوننا؟، نحن هنا لأننا نراكم شعباً إنسانياً فغامرنا بحياتنا لخدمتكم والعيش معكم.. ألسنا نحن المهاجرين الذين خُضنا معكم حروبكم وانتصرنا معكم؟.. ألسنا المهاجرين الذين احتلت بلادكم أراضينا لسنوات طويلة؟.. لماذا الآن تعتبروننا حيوانات؟.. تعلمت خلال 30 يوماً ما لم أتعلمه في حياتي كلها، خرجت من السجن وقد أصبح الأفارقة السجناء أصدقائي، ومنذ ذلك الحين تحول مكتبي لخدمة أي مهاجر في عموم التراب الفرنسي.. أصبح عندي حاليا أكثر من ألف موكل من أصول أفريقية أدافع عنهم وأتمم اجراءات إقامتهم أمام السلطات المختصة مجاناً، حباً وعرفاناً وتكفيراً عن عدوانيتي التي مارستها ضدهم دون سبب.

Email