«الدواعش».. ورقة ضغط أمريكية على أوروبا

■ «داعش»ملف شائك يثير مخاوف دولية | أرشيفية

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أخيراً بعددٍ من الرسائل، ربما لأكثر من جهة، وذلك عبر تهديداته بإطلاق سراح عناصر داعش الأجنبية المعتقلين في سوريا إن لم تستعدهم دولهم، أهمها رسائل للدول الأوروبية بضرورة الاضطلاع بمسؤوليتها القانونية إزاء تلك العناصر المنتمية إليها، عدّها بعض المراقبين بكونها إحدى أدوات الضغط الأمريكية على أوروبا للانصياع للعقوبات المفروضة على إيران، كذلك ضمن جملة الأدوات الأخرى التي تستخدمها واشنطن في ذلك الإطار.

بينما دفعت تلك التهديدات بقلق واسعٍ يساور العراق تحديداً بوصفه البيئة الأنسب؛ بخاصة أن حدوده مع سوريا لا زالت غير متماسكة بعد.

وسيلة ضغط

تعزز تلك التهديدات الأمريكية هالة الغموض التي تُحيط بموقف واشنطن إزاء التعامل مع قضايا وأزمات الشرق الأوسط، وخاصة ملفي دحر داعش ومواجهة إيران؛ ففي الوقت الذي تُعلن فيه الإدارة الأمريكية عن نهاية داعش في سوريا، فإنها تُهدد في المقابل بإطلاق سراح داعشيين أجانب معتقلين في سوريا يقدر تعدادهم بـ 800 عنصر، ما من شأنه عودة التنظيم من جديد.

فيما قلل محللون من إمكانية تنفيذ واشنطن تلك التهديدات، التي وصفوها بأنها لا تعدو سوى «وسيلة ضغط» على أوروبا وكذا على إيران.

ويقول الدبلوماسي العراقي د. غازي فيصل لـ«البيان»: «أعتقد بأن ترامب محق بدعوة الدول الأوروبية وغيرها باتخاذ الإجراءات لاستقبال مواطنيها الملتحقين بالتنظيم الإرهابي؛ وذلك لإخضاعهم للعدالة القضائية في بلدانهم وتحميل الدول مسؤولية اتخاذ العقوبات الرادعة ومعالجتهم نفسياً واجتماعياً، وإعادة تأهيلهم للاندماج مع مجتمعاتهم خصوصاً الأطفال والنساء».

ويتابع: «ترامب لن يطلق سراحهم.. سيحالون في سوريا للمحاكم السورية وفي العراق للمحاكم العراقية؛ لكون المخيمات المتواجدين فيها تابعة لإشراف الأمم المتحدة وربما الصليب الأحمر الدولي؛ لأنهم أسرى وفق القانون الدولي الإنساني أو لاجئون يجب أن يعودوا إلى بلدانهم عند توافر الظروف الآمنة، أو ربما لبلدٍ ثالث يقبل بهم كلاجئين.. هو ترامب يريد أن تتحمل الدول التابعون لها المسؤولية القانونية تجاه مواطنيها من الدواعش».

يستخدم ترامب تلك التهديدات كأداة للضغط على دول الاتحاد الأوروبي للانصياع للعقوبات المفروضة على إيران، بحسب ما يؤكده مستشار المركز الديمقراطي العربي للدراسات الاستراتيجية المحلل العراقي حازم العبيدي، والذي يشدد في حديثه مع «البيان»، على أن تهديدات إطلاق الدواعش هي «إحدى أدوات السياسة الأمريكية لإعادة الاتحاد الأوروبي لبيت الطاعة الأمريكي»؛ ذلك على أساس أن أوربا تحاول البحث عن مصالحها الضيقة ولا تنظر إلى السياسات الإيرانية المُدمرة بالشرق الأوسط وأفريقيا وحتى في أوروبا نفسها التي تم القبض فيها على خلايا إيرانية.

قلق عراقي

لكن في سياق آخر، فإن إطلاق سراح هؤلاء الدواعش سيؤدي إلى «كارثة» على العراق بشكل خاص، على حد وصف المحلل السياسي العراقي وسام صبّاح، والذي يشدد، في حديثه مع «البيان»، على أنه على الدول الأوروبية استعادة المعتقلين الدواعش الذين ينتمون إليها من أجل محاكمتهم ووضعهم تحت المراقبة والمساهمة في دحر التنظيم بصورة نهائية؛ لأن إطلاق سراحهم - كما يهدد ترامب - سيفضي إلى كارثة مُحققة، يدفع العراق بصورة خاصة ضريبتها، كما حدث في وقت سابق لدى تدفق العناصر الداعشية على العراق.

لكنّ المحلل السياسي العراقي في الوقت ذاته لم يستبعد أن تكون التهديدات الأمريكية بإطلاق الدواعش رسالة أمريكية في مواجهة إيران ومحاولة منع تمددها بالمنطقة.

لكنه في الوقت ذاته يشير إلى أن أمريكا تعرض أمن واستقرار العراق إلى الخطر. يأتي ذلك في الوقت الذي تلاحق فيه القوات الأمنيّة العراقية خلايا التنظيم داعش في محافظات مختلفة.

Email